الفرق بين المراجعتين لصفحة: «٨٤٨: قرار لطرد المسلمين من الولايات اللومباردية»

من Transmed Wiki
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
 
(٨ مراجعات متوسطة بواسطة مستخدمين اثنين آخرين غير معروضة)
سطر ١: سطر ١:
{{فصل لاتيني-عربي 01|تيريزا ياك| ''Radelgisi et Siginulfi divisio ducatis Beneventani'', ed. Ferdinand Bluhm (MGH LL 4), Hanover: Hahnsche Buchhandlung 1868, pp. 221-225, cap. 24, here: p. 224(الترجمة: إسماعيل مكحل) |Et amodo nullum Sarracenum in meum vel populi ac terrae meae adiutorium seu amicitiam habere quaerimus, tam de his, qui in omni provinciae Beneventani principatus sunt, quam et de illis, qui extra omnem Beneventanum provinciam sunt; et nunquam eos contra vos irritans irritare faciam, et nullum eis adiutorium impendam vel impendere faciam; et adiuvabo vos absque omni iniusta dilatione usque ad summam virtutem, sicut melius potuero, cum populo meae partis, ut pariter expellamus de ista provincia nostra omnes Sarracenos quomodocumque potuerimis; et amodo, ut dictum est, nullum Sarracenum recipiam vel recipere permittam, praeter illos qui temporibus domni Siconis et Sicardi fuerunt christiani, si magarizati non sunt. Et praesentaliter, antequam domnus Ludovicus rex cum suo exercitu exeat de ista terra, do in vestram potestatem gastaldum Montellam cum omnibus castellis eius et medium gastaldum Acerentinum, sicut supra dictum est, si ullo valuerimus ingenio.|ونقرر منع مساعدة السراسين أو الصداقة معهم من الآن فصاعدا، لا بين أبناء شعبي ولا في بلادي الشاملة على جميع مقاطعات ولاية بينيفنتو [بجنوب إيطاليا] بأكملها وكذلك تلك الموجودة خارج الولاية. ولن أقوم بتحريضهم ضدكم أبدا ولن أقبل بأي دعم منهم ولن أهددكم بهم. وسأوفر لكم الدعم من خلال شعبي دونما إبطاء بأقصى ما أمكنني حتى نتمكن من طرد جميع السراسين من مناطقنا هذه. ومن الآن فصاعداً، كما سبق القول، لن أستقبل أو أسمح باستقبال سراسينياً واحدا باستثناء أولئك الذين كانو مسيحيين في عهد الأمراء سيكو وسيكارد بالفعل ولم يرتدوا بعد. وقبل أن يزحف الملك لودفيغ بجيشه خارج هذا البلد، أعطي بهذا القرار من خلال سلطتي المستمدة منكم، الولاية على ولاية [gastaldum] مونتيلا (Montella) مع كل حصونها ونصف ولاية [gastaldum] أتشيرينزا (Acerenza) كما سبق ذكره، وذلك بأقصى ما لدينا من قدرة.|5===المؤلف وأعماله==
{{فصل لاتيني-عربي 01|تيريزا ياك|''Radelgisi et Siginulfi divisio ducatis Beneventani'', ed. Ferdinand Bluhm (MGH LL 4), Hanover: Hahnsche Buchhandlung 1868, pp. 221-225, cap. 24, here: p. 224 (الترجمة: إسماعيل مكحل)|Et amodo nullum Sarracenum in meum vel populi ac terrae meae adiutorium seu amicitiam habere quaerimus, tam de his, qui in omni provinciae Beneventani principatus sunt, quam et de illis, qui extra omnem Beneventanum provinciam sunt; et nunquam eos contra vos irritans irritare faciam, et nullum eis adiutorium impendam vel impendere faciam; et adiuvabo vos absque omni iniusta dilatione usque ad summam virtutem, sicut melius potuero, cum populo meae partis, ut pariter expellamus de ista provincia nostra omnes Sarracenos quomodocumque potuerimis; et amodo, ut dictum est, nullum Sarracenum recipiam vel recipere permittam, praeter illos qui temporibus domni Siconis et Sicardi fuerunt christiani, si magarizati non sunt. Et praesentaliter, antequam domnus Ludovicus rex cum suo exercitu exeat de ista terra, do in vestram potestatem gastaldum Montellam cum omnibus castellis eius et medium gastaldum Acerentinum, sicut supra dictum est, si ullo valuerimus ingenio.|ونقرر منع مساعدة السراسين أو الصداقة معهم من الآن فصاعدا، لا بين أبناء شعبي ولا في بلادي الشاملة على جميع مقاطعات ولاية بينيفنتو [بجنوب إيطاليا] بأكملها وكذلك تلك الموجودة خارج الولاية. ولن أقوم بتحريضهم ضدكم أبدا ولن أقبل بأي دعم منهم ولن أهددكم بهم. وسأوفر لكم الدعم من خلال شعبي دونما إبطاء بأقصى ما أمكنني حتى نتمكن من طرد جميع السراسين من مناطقنا هذه. ومن الآن فصاعداً، كما سبق القول، لن أستقبل أو أسمح باستقبال سراسينياً واحدا باستثناء أولئك الذين كانو مسيحيين في عهد الأمراء سيكو وسيكارد بالفعل ولم يرتدوا بعد. وقبل أن يزحف الملك لودفيغ بجيشه خارج هذا البلد، أعطي بهذا القرار من خلال سلطتي المستمدة منكم، الولاية على ولاية [gastaldum] مونتيلا (Montella) مع كل حصونها ونصف ولاية [gastaldum] أتشيرينزا (Acerenza) كما سبق ذكره، وذلك بأقصى ما لدينا من قدرة.|5===المؤلف وأعماله==


"تقسيم إمارة بينيفنتو" (divisio ducatis Beneventani) هو قرار تمت صياغته باسم الأمير راديلكيس الأول (حكمه ٨٣٩-٨٥١) (Radelchis). وساعد هذا القرار في حسم الاشتباكات الشبيهة بالحرب الأهلية بين اللومبارديين. وتحتوي هذه الاتفاقية على أحكام حول كيفية إقامة السلم والحفاظ عليه بين الجيران راديلكيس في بينيفنتو (Benevento) من جهة وسيكونولف (حكمه ٨٣٢-٨٣٩) (ٍSiconulf) في ساليرنو (Salerno) من جهة أخرى. ويشمل أهم أحكام الصك القانوني إعادة تعريف حدود وملكية إمارة بينيفنتو اللومباردية. وتم التنازل عن أجزاء منها بموجب هذه الاتفاقية رسميا لصالح سيكونولف والسلالة اللومباردية التي أسسها في ساليرنو عام ٨٣٩. ولأن راديلكيس الأول تخلى عن أجزاء من مقاطعته رسمياً وضمها إلى منطقة حكم سيكونولف تم إعتبار هذه الوثيقة أحياناً على أنها صك هبة. إلى ذلك يحدد الصك الحقوق السيادية وينظم قواعد التصرف بين الأقسام اللومباردية. لذلك يُطلق على صك "التقسيم" (divisio) أيضا تعريف "المرسوم" [capitulare، يعني نوع من المراسم المنشورة في العصر الكارولنجي] ويتم إصدارها في قسم القوانين اللومبارديين (leges Langobardorum) في مجموعة الوثائق الجرمانية التاريخية (Monumenta Germaniae historica).
[§١] "تقسيم إمارة بينيفنتو" (divisio ducatis Beneventani) هو قرار تمت صياغته باسم الأمير راديلكيس الأول (حكمه ٨٣٩-٨٥١) (Radelchis). وساعد هذا القرار في حسم الاشتباكات الشبيهة بالحرب الأهلية بين اللومبارديين. وتحتوي هذه الاتفاقية على أحكام حول كيفية إقامة السلم والحفاظ عليه بين الجيران راديلكيس في بينيفنتو (Benevento) من جهة وسيكونولف (حكمه ٨٣٢-٨٣٩) (ٍSiconulf) في ساليرنو (Salerno) من جهة أخرى. ويشمل أهم أحكام الصك القانوني إعادة تعريف حدود وملكية إمارة بينيفنتو اللومباردية. وتم التنازل عن أجزاء منها بموجب هذه الاتفاقية رسميا لصالح سيكونولف والسلالة اللومباردية التي أسسها في ساليرنو عام ٨٣٩. ولأن راديلكيس الأول تخلى عن أجزاء من مقاطعته رسمياً وضمها إلى منطقة حكم سيكونولف تم إعتبار هذه الوثيقة أحياناً على أنها صك هبة. إلى ذلك يحدد الصك الحقوق السيادية وينظم قواعد التصرف بين الأقسام اللومباردية. لذلك يُطلق على صك "التقسيم" (divisio) أيضا تعريف "المرسوم" [capitulare، يعني نوع من المراسم المنشورة في العصر الكارولنجي] ويتم إصدارها في قسم القوانين اللومبارديين (leges Langobardorum) في مجموعة الوثائق الجرمانية التاريخية (Monumenta Germaniae historica).


وحددوا المحققين تأريخ هذه الوثيقة في السنة ٨٥١.<ref name="ftn1">''Divisio ducatis Beneventani'', ed. Bluhm, pp. XLII-XLIII., pp. 221</ref> إلا ان المخطوطات المنقولة (من النصف الأول للقرن العاشرفي مونتي كاسينو، ومن القرن الثالث عشر في ساليرنو) ليس فيها تاريخ إصدار (datum) أو تاريخ تسليم (actum) الوثيقة. ولذلك يجب استنتاج توقيت هذه الوثيقة من الظروف التاريخية: ومن الواضح أن اتفاق السلام يجب أن يكون قد تم بعد التسوية الرسمية للاشتباكات بين راديلكيس وسيكونولف التي قام بها الملك لودفيغ الثاني (Ludovicus II.) (وكان ملكا لإيطاليا منذ ٨٣٩ أو ٨٤٠ وملك اللومبارديين منذ ٨٤٤ والإمبراطور الروماني بالمشاركة مع أبيه منذ ٨٥٠) بعد أن إحتل بينيفينتو من أجل إعادة راديلكيس إلى صوابه. ويشير اقتباس المصدر المختار لصك التقسيم هنا إلى وجود لودفيغ في بينيفنتو مع جيشه. بينما افترض محقق صك "التقسيم" (divisio) أن لودفيغ الثاني لم يزحف جنوبا من أجل معالجة "خطر السراسين" هناك إلا بعد تتويجه إمبراطوراً، فإنه من المعروف الآن أن هذا الزحف حصل قبل تتويجه. وتشير البحوث المختصة في جنوب إيطاليا في الغالب إلى عام ٨٤٩ بخصوص ذلك<ref name="ftn2">Kreutz, ''Normans'', p. 51; Houben, Potere, p. 192</ref> وربما ترتكز على المعلومات التي قدمها المؤرخون المحليون.<ref name="ftn3">Chronicon Cassinense, ed. Georg Waitz (MGH SS rer. Lang.), Hannover: Hahnsche Buchhandlung, 1878, pp. 467-489, here: cap. 12, p. 474; ''Die Chronik von Montecassino'', ed. Hartmut Hoffmann (MGH SS 34), Hannover: Hahn’sche Buchhandlung, 1980, pp. 83-84; Andreas of Bergamo, ''Historia'', ed. Georg Waitz (MGH SS rer. Lang.), Hannover: Hahn’sche Buchhandlung, 1878, pp. 220-230, here: cap. 12, p. 227</ref> وحسب البحوث المختصة في علم الوثائق المنشورة في مشروع "ريغيستا إمباري" (Regesta Imperii) [وهو مشروع ألماني مختص في جمع وتجهيز مختصرات لكل الوثائق المتعلقة بتأريخ الفرق والملوك الجرمانية في القرون الوسطى. وبالإضافة إلى ذلك يوفر هذا المشروع قاعدة بيانات الدرسات والبحوث المختصة بالقرون الوسطى]<ref name="ftn4">[http://www.regesta-imperii.de/en/home.html http://www.regesta-imperii.de/en/home.html] </ref> فإن موعد وجود لودفيغ الثاني في بينيفنتو ووساطته هو ربيع سنة ٨٤٨ بين يناير وعيد العنصرة.<ref name="ftn5">''Regesta Imperii I. Die Regesten des Kaiserreichs unter den Karolingern 751-918 (926), vol. 3: Die Regesten des Regnum Italiae und der burgundischen Regna. Tl. 1. Die Karolinger im Regnum Italiae 840-887 (888)'', ed. Johann Friedrich Böhmer, Herbert Zielinski, Köln: Böhlau, 1991, no. 53-55, pp. 21-23; Poupardin, Date, pp. 22-25; Martin, ''Guerre'', p. 3, يبقى غير محدد بين مايو / أيار ٨٤٨ و٨٤٩.</ref> وهذا يجعل تحديد وقت صك "التـقسيم" (divisio) في سنة ٨٤٨ أكثر ترجيحاً
[§٢] وحددوا المحققين تأريخ هذه الوثيقة في السنة ٨٥١.<ref name="ftn1">''Divisio ducatis Beneventani'', ed. Bluhm, pp. XLII-XLIII., pp. 221</ref> إلا ان المخطوطات المنقولة (من النصف الأول للقرن العاشرفي مونتي كاسينو، ومن القرن الثالث عشر في ساليرنو) ليس فيها تاريخ إصدار (datum) أو تاريخ تسليم (actum) الوثيقة. ولذلك يجب استنتاج توقيت هذه الوثيقة من الظروف التاريخية: ومن الواضح أن اتفاق السلام يجب أن يكون قد تم بعد التسوية الرسمية للاشتباكات بين راديلكيس وسيكونولف التي قام بها الملك لودفيغ الثاني (Ludovicus II.) (وكان ملكا لإيطاليا منذ ٨٣٩ أو ٨٤٠ وملك اللومبارديين منذ ٨٤٤ والإمبراطور الروماني بالمشاركة مع أبيه منذ ٨٥٠) بعد أن إحتل بينيفينتو من أجل إعادة راديلكيس إلى صوابه. ويشير اقتباس المصدر المختار لصك التقسيم هنا إلى وجود لودفيغ في بينيفنتو مع جيشه. بينما افترض محقق صك "التقسيم" (divisio) أن لودفيغ الثاني لم يزحف جنوبا من أجل معالجة "خطر السراسين" هناك إلا بعد تتويجه إمبراطوراً، فإنه من المعروف الآن أن هذا الزحف حصل قبل تتويجه. وتشير البحوث المختصة في جنوب إيطاليا في الغالب إلى عام ٨٤٩ بخصوص ذلك<ref name="ftn2">Kreutz, ''Normans'', p. 51; Houben, Potere, p. 192</ref> وربما ترتكز على المعلومات التي قدمها المؤرخون المحليون.<ref name="ftn3">Chronicon Cassinense, ed. Georg Waitz (MGH SS rer. Lang.), Hannover: Hahnsche Buchhandlung, 1878, pp. 467-489, here: cap. 12, p. 474; ''Die Chronik von Montecassino'', ed. Hartmut Hoffmann (MGH SS 34), Hannover: Hahn’sche Buchhandlung, 1980, pp. 83-84; Andreas of Bergamo, ''Historia'', ed. Georg Waitz (MGH SS rer. Lang.), Hannover: Hahn’sche Buchhandlung, 1878, pp. 220-230, here: cap. 12, p. 227</ref> وحسب البحوث المختصة في علم الوثائق المنشورة في مشروع "ريغيستا إمباري" (Regesta Imperii) [وهو مشروع ألماني مختص في جمع وتجهيز مختصرات لكل الوثائق المتعلقة بتأريخ الفرق والملوك الجرمانية في القرون الوسطى. وبالإضافة إلى ذلك يوفر هذا المشروع قاعدة بيانات الدرسات والبحوث المختصة بالقرون الوسطى]<ref name="ftn4">[http://www.regesta-imperii.de/en/home.html http://www.regesta-imperii.de/en/home.html] </ref> فإن موعد وجود لودفيغ الثاني في بينيفنتو ووساطته هو ربيع سنة ٨٤٨ بين يناير وعيد العنصرة.<ref name="ftn5">''Regesta Imperii I. Die Regesten des Kaiserreichs unter den Karolingern 751-918 (926), vol. 3: Die Regesten des Regnum Italiae und der burgundischen Regna. Tl. 1. Die Karolinger im Regnum Italiae 840-887 (888)'', ed. Johann Friedrich Böhmer, Herbert Zielinski, Köln: Böhlau, 1991, no. 53-55, pp. 21-23; Poupardin, Date, pp. 22-25; Martin, ''Guerre'', p. 3, يبقى مارتين غير محدد بين مايو / أيار ٨٤٨ و٨٤٩. وهذا يجعل تحديد وقت صك "التـقسيم" (divisio) في سنة ٨٤٨ أكثر ترجيحاً</ref>


==المحتويات والإطار التاريخي للمصدر==
==المحتويات والإطار التاريخي للمصدر==


ينقسم ميثاق التقسيم لراديلكيس الأول في هذا الاصدار إلى ٢٨ فصلا، ويحتوي على الاستعراض الاحتفالي للسلام (فصل ١ إلى ٣) والحماية والإشراف على الكنائس والأديرة (فصل ٤ إلى ٨) فضلاً عن عمليات تقسيم وتعيين تشمل صلاحيات السلطة والأراضي والسكان (فصل ٩ إلى ١٦). أما بالنسبة للسكان في المناطق اللومباردية المقسّمة فيتم تحديد فيما إذا أو تحت أي ظرف يجب أن يعود السكان الهاربين أو الذين تعرضوا إلى السرقة إلى مناطقهم الأصلية (الفصل ١٥). وبالإضافة إلى ذلك تم تنظيم اختصاص السلطات القضائية في حالة وجود نزاعات قانونية عبر الحدود (على سبيل المثال: جرائم القتل التي يرتكبها سكان منطقة ضد سكان منطقة أخرى في الفصل ٢٠، أو الزواج بين سكان الإمارتين في الفصل ٢٢).
[§٣] ينقسم ميثاق التقسيم لراديلكيس الأول في هذا الاصدار إلى ٢٨ فصلا، ويحتوي على الاستعراض الاحتفالي للسلام (فصل ١ إلى ٣) والحماية والإشراف على الكنائس والأديرة (فصل ٤ إلى ٨) فضلاً عن عمليات تقسيم وتعيين تشمل صلاحيات السلطة والأراضي والسكان (فصل ٩ إلى ١٦). أما بالنسبة للسكان في المناطق اللومباردية المقسّمة فيتم تحديد فيما إذا أو تحت أي ظرف يجب أن يعود السكان الهاربين أو الذين تعرضوا إلى السرقة إلى مناطقهم الأصلية (الفصل ١٥). وبالإضافة إلى ذلك تم تنظيم اختصاص السلطات القضائية في حالة وجود نزاعات قانونية عبر الحدود (على سبيل المثال: جرائم القتل التي يرتكبها سكان منطقة ضد سكان منطقة أخرى في الفصل ٢٠، أو الزواج بين سكان الإمارتين في الفصل ٢٢).


الفصل ٢٤ من الصك، وهو محور الاهتمام هنا، يركز على مزيد من التفاصيل حول مجموعة سكانية معينة، ألا وهي "السراسين": وحسب هذا الفصل يجب طرد هؤلاء بصورة كاملة وقطعية من المقاطعات اللومباردية. ويُقرر أيضا أنه لن يتم قبول السراسين في المقاطعات مستقبلا. كما يأكد راديلكيس أنه لن يستعين بهم لحل الصراعات الداخلية بين اللومبارديين، وهو تصريح يشير إلى أنه قد جرى استخدام المرتزقة المسلمين في الصراعات الداخلية مؤخراً. والجدير بالاهتمام أيضا أن قرار طرد جميع السراسين يستبعد وفقا لنص الصك أولئك الذين كانوا بالفعل قد تحولوا إلى المسيحية في مرحلتي الحكم السابقتين أي تحت حكم سيكو (Sico) (حكمه ٨١٧-٨٣٢ أو ٨٣٤) وسيكارد (Sicard) (حكمه ٨٣٢-٨٣٩)، ولكن فقط إذا لم يرتدوا عن الدين المسيحي مجددا.
[§٤] الفصل ٢٤ من الصك، وهو محور الاهتمام هنا، يركز على مزيد من التفاصيل حول مجموعة سكانية معينة، ألا وهي "السراسين": وحسب هذا الفصل يجب طرد هؤلاء بصورة كاملة وقطعية من المقاطعات اللومباردية. ويُقرر أيضا أنه لن يتم قبول السراسين في المقاطعات مستقبلا. كما يأكد راديلكيس أنه لن يستعين بهم لحل الصراعات الداخلية بين اللومبارديين، وهو تصريح يشير إلى أنه قد جرى استخدام المرتزقة المسلمين في الصراعات الداخلية مؤخراً. والجدير بالاهتمام أيضا أن قرار طرد جميع السراسين يستبعد وفقا لنص الصك أولئك الذين كانوا بالفعل قد تحولوا إلى المسيحية في مرحلتي الحكم السابقتين أي تحت حكم سيكو (Sico) (حكمه ٨١٧-٨٣٢ أو ٨٣٤) وسيكارد (Sicard) (حكمه ٨٣٢-٨٣٩)، ولكن فقط إذا لم يرتدوا عن الدين المسيحي مجددا.


يتضمن الفصل ٢٤ أيضا الضمانات المنصوص عليها في بداية صك "التقسيم" بتثبيت الأحقية بولايات (gastaldum) مونتيلا في كامبانيا (Campania) وأتشيرينزا في لوكانيا (Lucania) لسيكونولف. وأخيرا يقرّ الفصل ٢٦ الإعتراف الرسمي بسيكونولف على أنه أمير (princeps) وبناء على طلبه الخاص إعلان ساليرنو كعاصمة. وينتهي الاتفاق بتبادل الأسرى الذين تم إحتجازهم فيما يبدو كرهائن في السابق: من جانب راديلكيس اثنان من أبنائه وابن أخيه أو أبن عمه (nepos) ومن الجانب الآخر ابن عائلة لاندونيس (Landonis) وباندولفو (Pandulfo).<ref name="ftn6">Divisio ducatis Beneventani, ed. Bluhm, p. 225</ref>
[§٥] يتضمن الفصل ٢٤ أيضا الضمانات المنصوص عليها في بداية صك "التقسيم" بتثبيت الأحقية بولايات (gastaldum) مونتيلا في كامبانيا (Campania) وأتشيرينزا في لوكانيا (Lucania) لسيكونولف. وأخيرا يقرّ الفصل ٢٦ الإعتراف الرسمي بسيكونولف على أنه أمير (princeps) وبناء على طلبه الخاص إعلان ساليرنو كعاصمة. وينتهي الاتفاق بتبادل الأسرى الذين تم إحتجازهم فيما يبدو كرهائن في السابق: من جانب راديلكيس اثنان من أبنائه وابن أخيه أو أبن عمه (nepos) ومن الجانب الآخر ابن عائلة لاندونيس (Landonis) وباندولفو (Pandulfo).<ref name="ftn6">Divisio ducatis Beneventani, ed. Bluhm, p. 225</ref>


==ربط السياق والتحليل والتفسير==
==ربط السياق والتحليل والتفسير==


وكما سبق الذكر قامت حرب أهلية طويلة ومريرة قبل التوصل إلى اتفاقية السلام. وكان أصل النزاع هو أن راديلكيس الاول أمر في عام ٨٣٩ بقتل الأمير سيكارد ومن ثم فر سيكونولف شقيق القتيل إلى ساليرنو لتأسيس سلالة لومباردية خاصة به هناك. وتمردت في الوقت نفسه مقاطعة كابوا (Capua) اللومباردية ضد راديلكيس واستيلاءه غير الشرعي على الحكم. فطلب راديلكيس مساعدة المرتزقة المسلمين لقمع هذه المقاومة، وهي طريقة حرب تمت تجربتها من قبل في جنوب إيطاليا لأول مرة من طرف أندريا الثاني من نابولي (حكمه ٨٣٤-٨٤٠).<ref name="ftn7">Iohannes Neapolitensis, Gesta episcoporum Neapolitanorum, ed. Georg Waitz ( MGH SS rer. Lang.), Hannover: Hahn’sche Buchhandlung 1878, pp. 424-435, here: cap. 57, p. 431</ref> وبثّ المقاتلون المسلمون الفوضى والإضطراب ونهبوا لصالح راديلكيس مناطق لومباردية ودمروا كابوا عن بكرة أبيها. كما استخدم سيكونولف أيضا المرتزقة السراسين. فاستولى المسلمون، الذين دخلوا المناطق الجنوبية الإيطالية والذين ربما تم تجنيدهم بشكل أساسي من المقاطعات الأغالبية في إفريقية وأجزاء من صقلية، على أراض في وقت وجيز.  
[§٦] وكما سبق الذكر قامت حرب أهلية طويلة ومريرة قبل التوصل إلى اتفاقية السلام. وكان أصل النزاع هو أن راديلكيس الاول أمر في عام ٨٣٩ بقتل الأمير سيكارد ومن ثم فر سيكونولف شقيق القتيل إلى ساليرنو لتأسيس سلالة لومباردية خاصة به هناك. وتمردت في الوقت نفسه مقاطعة كابوا (Capua) اللومباردية ضد راديلكيس واستيلاءه غير الشرعي على الحكم. فطلب راديلكيس مساعدة المرتزقة المسلمين لقمع هذه المقاومة، وهي طريقة حرب تمت تجربتها من قبل في جنوب إيطاليا لأول مرة من طرف أندريا الثاني من نابولي (حكمه ٨٣٤-٨٤٠).<ref name="ftn7">Iohannes Neapolitensis, Gesta episcoporum Neapolitanorum, ed. Georg Waitz ( MGH SS rer. Lang.), Hannover: Hahn’sche Buchhandlung 1878, pp. 424-435, here: cap. 57, p. 431</ref> وبثّ المقاتلون المسلمون الفوضى والإضطراب ونهبوا لصالح راديلكيس مناطق لومباردية ودمروا كابوا عن بكرة أبيها. كما استخدم سيكونولف أيضا المرتزقة السراسين. فاستولى المسلمون، الذين دخلوا المناطق الجنوبية الإيطالية والذين ربما تم تجنيدهم بشكل أساسي من المقاطعات الأغالبية في إفريقية وأجزاء من صقلية، على أراض في وقت وجيز.  


لا غرابة في أن هذا النوع من النزاعات دفع لتدخل لودفيغ الثاني في ضوء الوضع المتوتر في شبه الجزيرة الإيطالية الجنوبية بسبب "خطر السراسين". فلم يقتصر نشاط المرتزقة واللصوص والغزاة المسلمين على المناطق اللومباردية فحسب: بعد غارات على المدن الساحلية في بوليا (Puglia) وكالابريا (Calabria) تم غزو المناطق الداخلية الكامبانية (Campania) واللوكانية بما في ذلك من الأديرة والكنائس. لكن روما ومدينة أوستيا (Ostia) الساحلية التابعة لها حظيت بأكبر حصة من الاهتمام وتعرضت للتهديد ومن ثم الهجوم من طرف المسلمين. بالإضافة إلى هذه الغارات تم إخضاع بعض المناطق للهيمنة الإسلامية المؤقتة: في عام ٨٣٩ غزا المسلمون أولا تارانتو (Taranto) البيزنطية وثم في ٨٤٧ باري (Bari) حيث أمكنهم إنشاء إمارة خاصة بهم لمدة ٣٠ عاما. وقام لودفيغ الثاني بحملة أولى فاشلة بعد المفاوضات المذكورة، وفي المرة الثانية تمكن من السيطرة على المدينة بمساعدة أسطول بيزنطي في عام ٨٧١.
[§٧] لا غرابة في أن هذا النوع من النزاعات دفع لتدخل لودفيغ الثاني في ضوء الوضع المتوتر في شبه الجزيرة الإيطالية الجنوبية بسبب "خطر السراسين". فلم يقتصر نشاط المرتزقة واللصوص والغزاة المسلمين على المناطق اللومباردية فحسب: بعد غارات على المدن الساحلية في بوليا (Puglia) وكالابريا (Calabria) تم غزو المناطق الداخلية الكامبانية (Campania) واللوكانية بما في ذلك من الأديرة والكنائس. لكن روما ومدينة أوستيا (Ostia) الساحلية التابعة لها حظيت بأكبر حصة من الاهتمام وتعرضت للتهديد ومن ثم الهجوم من طرف المسلمين. بالإضافة إلى هذه الغارات تم إخضاع بعض المناطق للهيمنة الإسلامية المؤقتة: في عام ٨٣٩ غزا المسلمون أولا تارانتو (Taranto) البيزنطية وثم في ٨٤٧ باري (Bari) حيث أمكنهم إنشاء إمارة خاصة بهم لمدة ٣٠ عاما. وقام لودفيغ الثاني بحملة أولى فاشلة بعد المفاوضات المذكورة، وفي المرة الثانية تمكن من السيطرة على المدينة بمساعدة أسطول بيزنطي في عام ٨٧١.


وعلى الرغم من هذه الحركات المهددة لتوسع الحكم الإسلامي في شبه الجزيرة الإيطالية الجنوبية كان هناك أيضا درجة كبيرة من التعاون بين الحكام المسيحيين المحليين والمقاتلين المسلمين. أما في سياق إقتباس هذا المصدر فلا يبدو هذا التعاون جليا للوهلة الأولى، حيث يتم ذكر السراسين ظاهريا فقط وتم إختزالهم عما يبدو كمجموعة كبيرة ليس هناك معلومات أخرى متاحة عنها. ومع ذلك تنص السجلات التاريخية المحلية لهذه الفترة بوضوح أنه يمكن إدراك الفروق ضمن المجموعة، وعلى سبيل المثال تم تحديد الفرق بين "الموريون" (Mauri) و"السراسين" (Saraceni). ولم يكن هؤلاء بمثابة مرتزقة فحسب بل سرعان ما برزوا في الاوساط المقربة للحاكم. وعلى سيبل المثال جعل راديلكيس حراسه الشخصيين من المقاتلين المسلمين. وبينهم ترقى شخص يدعى معشر (Massar?) لدى الحاكم لدرجة أنه كان يطلق عليه لقب "القائد" (dux). هذا يظهر أن "السراسين" كانوا بمثابة الدعامة لهذا الحاكم المثير للجدل.
[§٨] وعلى الرغم من هذه الحركات المهددة لتوسع الحكم الإسلامي في شبه الجزيرة الإيطالية الجنوبية كان هناك أيضا درجة كبيرة من التعاون بين الحكام المسيحيين المحليين والمقاتلين المسلمين. أما في سياق إقتباس هذا المصدر فلا يبدو هذا التعاون جليا للوهلة الأولى، حيث يتم ذكر السراسين ظاهريا فقط وتم إختزالهم عما يبدو كمجموعة كبيرة ليس هناك معلومات أخرى متاحة عنها. ومع ذلك تنص السجلات التاريخية المحلية لهذه الفترة بوضوح أنه يمكن إدراك الفروق ضمن المجموعة، وعلى سبيل المثال تم تحديد الفرق بين "الموريون" (Mauri) و"السراسين" (Saraceni). ولم يكن هؤلاء بمثابة مرتزقة فحسب بل سرعان ما برزوا في الاوساط المقربة للحاكم. وعلى سيبل المثال جعل راديلكيس حراسه الشخصيين من المقاتلين المسلمين. وبينهم ترقى شخص يدعى معشر (Massar?) لدى الحاكم لدرجة أنه كان يطلق عليه لقب "القائد" (dux). هذا يظهر أن "السراسين" كانوا بمثابة الدعامة لهذا الحاكم المثير للجدل.


عندما تدخل لودفيغ الثاني في النهاية في الحرب الأهلية اللومباردية وغزا مدينة بينيفنتو خضع راديلكيس الأول لملك إيطاليا (كان سيكونولف قد بايع لودفيغ الثاني قبل بضع سنوات) وعبر دونما إبطاء عن إستعداده لنبذ أولياءه المسلمين: فقد تم إعدام القائد معشر (Massar) على العلن<ref name="ftn8">Poupardin, Date, pp. 22-25; Musca, ''Bari'', p. 38; ''Regesta Imperii'' I,3,1, no. 54</ref> الذي كان آمر القوات المسلمة المعلنة من طرف راديلكيس.<ref name="ftn9">Settia, ''Castelli'', pp. 45-46; Houben, Benevent, pp. 7-8</ref> وفي وقت لاحق كان على راديلكيس أن يلتزم بالسلام حسب صك "التقسيم" والذي تضمن إخراج المسلمين من أراضيه بالكامل وعدم قبولهم في المستقبل.
[§٩] عندما تدخل لودفيغ الثاني في النهاية في الحرب الأهلية اللومباردية وغزا مدينة بينيفنتو خضع راديلكيس الأول لملك إيطاليا (كان سيكونولف قد بايع لودفيغ الثاني قبل بضع سنوات) وعبر دونما إبطاء عن إستعداده لنبذ أولياءه المسلمين: فقد تم إعدام القائد معشر (Massar) على العلن<ref name="ftn8">Poupardin, Date, pp. 22-25; Musca, ''Bari'', p. 38; ''Regesta Imperii'' I,3,1, no. 54</ref> الذي كان آمر القوات المسلمة المعلنة من طرف راديلكيس.<ref name="ftn9">Settia, ''Castelli'', pp. 45-46; Houben, Benevent, pp. 7-8</ref> وفي وقت لاحق كان على راديلكيس أن يلتزم بالسلام حسب صك "التقسيم" والذي تضمن إخراج المسلمين من أراضيه بالكامل وعدم قبولهم في المستقبل.


فيما يتعلق بالترحيل فإن مدى نجاح تطبيقه ملفت للنظر. وهناك في هذا السياق مصدر مثير للاهتمام هو السِفر تم نقله عبر الدير البينديكتيني "كافا دي تيريني" (Codex Diplomaticus Cavensis) الذي يحتوي على وثائق خاصة من أواخر القرن الثامن إلى أواخر القرن الحادي عشر.<ref name="ftn10">''Codex diplomaticus Cavensis'', vol. 1: a. 792-960, ed. Mauro Schiani, Michele Morcaldi, Silvano De Stefano, Naples 1873</ref> حيث توجد فيه العديد من الوثائق التي تشير بوضوح إلى وجود المسلمين في المناطق التي يسيطر عليها اللومبارديون حتى بعد قرار إبعادهم. وتم ذكر "الساراسين" (Saraceni) و"الموريون" (Mauri) في هذه الوثائق القانونية أيضا بعد ٨٤٨ في سياقات مختلفة مما يثير الاعتقاد أنهم كانوا جزءا من الحياة اليومية اللومباردية. ويساعدنا علم أسماء الأماكن (الطوبونيميا) في إثبات هذا الاعتقاد. فتُظهر على سبيل المثال تسمية قطعة أرض "أرض السراسين" (terra sarracini) في كتاب وصف الحدود إحتمال إندماج وتأصل السراسين في إقليم لوكانيا وكامبانيا.<ref name="ftn11">Kreutzer, ''Normans'', p. 51-52</ref> وأظهرت البحوث الحديثة حول المستوطنات الإسلامية على نهر جاريليانو (Garigliano) في المنطقة الحدودية بين كامبانيا ولاتيو (Lazio) أنه لا يزال من الممكن العثور على أدلة تشير إلى نشاط المسلمين هناك حتى العقد الثاني من القرن العاشر.<ref name="ftn12">Di Branco, Matullo, Wolf, Insediamento islamico</ref>
[§١٠] فيما يتعلق بالترحيل فإن مدى نجاح تطبيقه ملفت للنظر. وهناك في هذا السياق مصدر مثير للاهتمام هو السِفر تم نقله عبر الدير البينديكتيني "كافا دي تيريني" (Codex Diplomaticus Cavensis) الذي يحتوي على وثائق خاصة من أواخر القرن الثامن إلى أواخر القرن الحادي عشر.<ref name="ftn10">''Codex diplomaticus Cavensis'', vol. 1: a. 792-960, ed. Mauro Schiani, Michele Morcaldi, Silvano De Stefano, Naples 1873</ref> حيث توجد فيه العديد من الوثائق التي تشير بوضوح إلى وجود المسلمين في المناطق التي يسيطر عليها اللومبارديون حتى بعد قرار إبعادهم. وتم ذكر "الساراسين" (Saraceni) و"الموريون" (Mauri) في هذه الوثائق القانونية أيضا بعد ٨٤٨ في سياقات مختلفة مما يثير الاعتقاد أنهم كانوا جزءا من الحياة اليومية اللومباردية. ويساعدنا علم أسماء الأماكن (الطوبونيميا) في إثبات هذا الاعتقاد. فتُظهر على سبيل المثال تسمية قطعة أرض "أرض السراسين" (terra sarracini) في كتاب وصف الحدود إحتمال إندماج وتأصل السراسين في إقليم لوكانيا وكامبانيا.<ref name="ftn11">Kreutzer, ''Normans'', p. 51-52</ref> وأظهرت البحوث الحديثة حول المستوطنات الإسلامية على نهر جاريليانو (Garigliano) في المنطقة الحدودية بين كامبانيا ولاتيو (Lazio) أنه لا يزال من الممكن العثور على أدلة تشير إلى نشاط المسلمين هناك حتى العقد الثاني من القرن العاشر.<ref name="ftn12">Di Branco, Matullo, Wolf, Insediamento islamico</ref>


عند هذه النقطة يجب التساؤل فيما إذا كان هؤلاء السراسين المذكورين في الوثائق هم في الأساس مسلمون أم أنهم مرتدون أو أحفاد مسيحيون من المسلمين. ويشير صك "التقسيم" إلى تنصير بعض المسلمين تحت الحكم اللومباردي في النصف الأول من القرن التاسع لأنه يستبعد هؤلاء السراسين من الطرد الذين اعتنقوا الديانة المسيحية تحت حكم سيكو وسيكارد أي قبل اندلاع الحرب الأهلية اللومباردية. وبالتالي فإن هذه الإشارة ذات صلة بعدة نواحي: فهي تشير إلى وصول مبكر للمسلمين إلى إمارة بينيفنتو بشكل ملحوظ، حتى قبل أن يتم تجنيدهم كمرتزقة لمحاربة حكام جنوب إيطاليا الآخرين المسيحيين أيضا. ومن المثير للاهتمام أيضا أن بعض هؤلاء المسلمين تحولوا للمسيحية لأسباب غير محددة. وتشير حقيقة استمرار إستخدام مصطلح "السراسين" (Saraceni) في صك "التقسيم" إلى أنه هنا لم يعط معنى دينيا فحسب بل يمكن أن يشير أيضا إلى أصلهم العرقي. ويجب الاخذ بعين الاعتبار أيضا فيما إذا كانت مادة الصك الموجهة ضد السراسين تستهدف مجموعة الأشخاص النشطين عسكريا في الصراع فقط ولا تستهدف السراسين الآخرين الذي تم إعفاءهم من هذا الحظر. وفي كل الاحوال يمثل صك "التقسيم" لراديلكيس الأول نصا قانونيا قديما جدا بشأن التعامل مع أقلية جديدة التي كانت مسلمة (أو مسلمة سابقا) تحت الحكم المسيحي في جنوب إيطاليا والحالة الخاصة لحظر التعامل.
[§١١] عند هذه النقطة يجب التساؤل فيما إذا كان هؤلاء السراسين المذكورين في الوثائق هم في الأساس مسلمون أم أنهم مرتدون أو أحفاد مسيحيون من المسلمين. ويشير صك "التقسيم" إلى تنصير بعض المسلمين تحت الحكم اللومباردي في النصف الأول من القرن التاسع لأنه يستبعد هؤلاء السراسين من الطرد الذين اعتنقوا الديانة المسيحية تحت حكم سيكو وسيكارد أي قبل اندلاع الحرب الأهلية اللومباردية. وبالتالي فإن هذه الإشارة ذات صلة بعدة نواحي: فهي تشير إلى وصول مبكر للمسلمين إلى إمارة بينيفنتو بشكل ملحوظ، حتى قبل أن يتم تجنيدهم كمرتزقة لمحاربة حكام جنوب إيطاليا الآخرين المسيحيين أيضا. ومن المثير للاهتمام أيضا أن بعض هؤلاء المسلمين تحولوا للمسيحية لأسباب غير محددة. وتشير حقيقة استمرار إستخدام مصطلح "السراسين" (Saraceni) في صك "التقسيم" إلى أنه هنا لم يعط معنى دينيا فحسب بل يمكن أن يشير أيضا إلى أصلهم العرقي. ويجب الاخذ بعين الاعتبار أيضا فيما إذا كانت مادة الصك الموجهة ضد السراسين تستهدف مجموعة الأشخاص النشطين عسكريا في الصراع فقط ولا تستهدف السراسين الآخرين الذي تم إعفاءهم من هذا الحظر. وفي كل الاحوال يمثل صك "التقسيم" لراديلكيس الأول نصا قانونيا قديما جدا بشأن التعامل مع أقلية جديدة التي كانت مسلمة (أو مسلمة سابقا) تحت الحكم المسيحي في جنوب إيطاليا والحالة الخاصة لحظر التعامل.


'''(إسماعيل مكحل)'''
'''(الترجمة: إسماعيل مكحل)'''




سطر ٧٣: سطر ٧٣:


<div class="mw-content-ltr">Zielinski, Herbert: Ein unbeachteter Italienzug Kaiser Lothars I. im Jahre 847, in: ''Quellen und Forschungen aus italienischen Archiven und Bibliotheken'' 70 (1990), pp. 1-22.</div>|6=إتفاقية سلام، الإرتزاق، تغيير الدين، التعاون، جنوب إيطاليا، حلف، الدبلوماسية، ساليرنو، طرد المسلمين، علم الوثائق، لودفيغ الثاني، اللومبارديون، مصطلح "السارسين"}}
<div class="mw-content-ltr">Zielinski, Herbert: Ein unbeachteter Italienzug Kaiser Lothars I. im Jahre 847, in: ''Quellen und Forschungen aus italienischen Archiven und Bibliotheken'' 70 (1990), pp. 1-22.</div>|6=إتفاقية سلام، الإرتزاق، تغيير الدين، التعاون، جنوب إيطاليا، حلف، الدبلوماسية، ساليرنو، طرد المسلمين، علم الوثائق، لودفيغ الثاني، اللومبارديون، مصطلح "السارسين"}}
[[de:848: Beschluss zur Vertreibung der Muslime aus den langobardischen Herzogtümern]]
[[en:848: Decision to Expel the Muslims from the Langobard Duchies]]

المراجعة الحالية بتاريخ ١٤:٤٨، ١٧ سبتمبر ٢٠٢١

المؤلف(ة): تيريزا ياك

المصدر

Radelgisi et Siginulfi divisio ducatis Beneventani, ed. Ferdinand Bluhm (MGH LL 4), Hanover: Hahnsche Buchhandlung 1868, pp. 221-225, cap. 24, here: p. 224 (الترجمة: إسماعيل مكحل)
Et amodo nullum Sarracenum in meum vel populi ac terrae meae adiutorium seu amicitiam habere quaerimus, tam de his, qui in omni provinciae Beneventani principatus sunt, quam et de illis, qui extra omnem Beneventanum provinciam sunt; et nunquam eos contra vos irritans irritare faciam, et nullum eis adiutorium impendam vel impendere faciam; et adiuvabo vos absque omni iniusta dilatione usque ad summam virtutem, sicut melius potuero, cum populo meae partis, ut pariter expellamus de ista provincia nostra omnes Sarracenos quomodocumque potuerimis; et amodo, ut dictum est, nullum Sarracenum recipiam vel recipere permittam, praeter illos qui temporibus domni Siconis et Sicardi fuerunt christiani, si magarizati non sunt. Et praesentaliter, antequam domnus Ludovicus rex cum suo exercitu exeat de ista terra, do in vestram potestatem gastaldum Montellam cum omnibus castellis eius et medium gastaldum Acerentinum, sicut supra dictum est, si ullo valuerimus ingenio. ونقرر منع مساعدة السراسين أو الصداقة معهم من الآن فصاعدا، لا بين أبناء شعبي ولا في بلادي الشاملة على جميع مقاطعات ولاية بينيفنتو [بجنوب إيطاليا] بأكملها وكذلك تلك الموجودة خارج الولاية. ولن أقوم بتحريضهم ضدكم أبدا ولن أقبل بأي دعم منهم ولن أهددكم بهم. وسأوفر لكم الدعم من خلال شعبي دونما إبطاء بأقصى ما أمكنني حتى نتمكن من طرد جميع السراسين من مناطقنا هذه. ومن الآن فصاعداً، كما سبق القول، لن أستقبل أو أسمح باستقبال سراسينياً واحدا باستثناء أولئك الذين كانو مسيحيين في عهد الأمراء سيكو وسيكارد بالفعل ولم يرتدوا بعد. وقبل أن يزحف الملك لودفيغ بجيشه خارج هذا البلد، أعطي بهذا القرار من خلال سلطتي المستمدة منكم، الولاية على ولاية [gastaldum] مونتيلا (Montella) مع كل حصونها ونصف ولاية [gastaldum] أتشيرينزا (Acerenza) كما سبق ذكره، وذلك بأقصى ما لدينا من قدرة.

المؤلف وأعماله

[§١] "تقسيم إمارة بينيفنتو" (divisio ducatis Beneventani) هو قرار تمت صياغته باسم الأمير راديلكيس الأول (حكمه ٨٣٩-٨٥١) (Radelchis). وساعد هذا القرار في حسم الاشتباكات الشبيهة بالحرب الأهلية بين اللومبارديين. وتحتوي هذه الاتفاقية على أحكام حول كيفية إقامة السلم والحفاظ عليه بين الجيران راديلكيس في بينيفنتو (Benevento) من جهة وسيكونولف (حكمه ٨٣٢-٨٣٩) (ٍSiconulf) في ساليرنو (Salerno) من جهة أخرى. ويشمل أهم أحكام الصك القانوني إعادة تعريف حدود وملكية إمارة بينيفنتو اللومباردية. وتم التنازل عن أجزاء منها بموجب هذه الاتفاقية رسميا لصالح سيكونولف والسلالة اللومباردية التي أسسها في ساليرنو عام ٨٣٩. ولأن راديلكيس الأول تخلى عن أجزاء من مقاطعته رسمياً وضمها إلى منطقة حكم سيكونولف تم إعتبار هذه الوثيقة أحياناً على أنها صك هبة. إلى ذلك يحدد الصك الحقوق السيادية وينظم قواعد التصرف بين الأقسام اللومباردية. لذلك يُطلق على صك "التقسيم" (divisio) أيضا تعريف "المرسوم" [capitulare، يعني نوع من المراسم المنشورة في العصر الكارولنجي] ويتم إصدارها في قسم القوانين اللومبارديين (leges Langobardorum) في مجموعة الوثائق الجرمانية التاريخية (Monumenta Germaniae historica).

[§٢] وحددوا المحققين تأريخ هذه الوثيقة في السنة ٨٥١.[١] إلا ان المخطوطات المنقولة (من النصف الأول للقرن العاشرفي مونتي كاسينو، ومن القرن الثالث عشر في ساليرنو) ليس فيها تاريخ إصدار (datum) أو تاريخ تسليم (actum) الوثيقة. ولذلك يجب استنتاج توقيت هذه الوثيقة من الظروف التاريخية: ومن الواضح أن اتفاق السلام يجب أن يكون قد تم بعد التسوية الرسمية للاشتباكات بين راديلكيس وسيكونولف التي قام بها الملك لودفيغ الثاني (Ludovicus II.) (وكان ملكا لإيطاليا منذ ٨٣٩ أو ٨٤٠ وملك اللومبارديين منذ ٨٤٤ والإمبراطور الروماني بالمشاركة مع أبيه منذ ٨٥٠) بعد أن إحتل بينيفينتو من أجل إعادة راديلكيس إلى صوابه. ويشير اقتباس المصدر المختار لصك التقسيم هنا إلى وجود لودفيغ في بينيفنتو مع جيشه. بينما افترض محقق صك "التقسيم" (divisio) أن لودفيغ الثاني لم يزحف جنوبا من أجل معالجة "خطر السراسين" هناك إلا بعد تتويجه إمبراطوراً، فإنه من المعروف الآن أن هذا الزحف حصل قبل تتويجه. وتشير البحوث المختصة في جنوب إيطاليا في الغالب إلى عام ٨٤٩ بخصوص ذلك[٢] وربما ترتكز على المعلومات التي قدمها المؤرخون المحليون.[٣] وحسب البحوث المختصة في علم الوثائق المنشورة في مشروع "ريغيستا إمباري" (Regesta Imperii) [وهو مشروع ألماني مختص في جمع وتجهيز مختصرات لكل الوثائق المتعلقة بتأريخ الفرق والملوك الجرمانية في القرون الوسطى. وبالإضافة إلى ذلك يوفر هذا المشروع قاعدة بيانات الدرسات والبحوث المختصة بالقرون الوسطى][٤] فإن موعد وجود لودفيغ الثاني في بينيفنتو ووساطته هو ربيع سنة ٨٤٨ بين يناير وعيد العنصرة.[٥]

المحتويات والإطار التاريخي للمصدر

[§٣] ينقسم ميثاق التقسيم لراديلكيس الأول في هذا الاصدار إلى ٢٨ فصلا، ويحتوي على الاستعراض الاحتفالي للسلام (فصل ١ إلى ٣) والحماية والإشراف على الكنائس والأديرة (فصل ٤ إلى ٨) فضلاً عن عمليات تقسيم وتعيين تشمل صلاحيات السلطة والأراضي والسكان (فصل ٩ إلى ١٦). أما بالنسبة للسكان في المناطق اللومباردية المقسّمة فيتم تحديد فيما إذا أو تحت أي ظرف يجب أن يعود السكان الهاربين أو الذين تعرضوا إلى السرقة إلى مناطقهم الأصلية (الفصل ١٥). وبالإضافة إلى ذلك تم تنظيم اختصاص السلطات القضائية في حالة وجود نزاعات قانونية عبر الحدود (على سبيل المثال: جرائم القتل التي يرتكبها سكان منطقة ضد سكان منطقة أخرى في الفصل ٢٠، أو الزواج بين سكان الإمارتين في الفصل ٢٢).

[§٤] الفصل ٢٤ من الصك، وهو محور الاهتمام هنا، يركز على مزيد من التفاصيل حول مجموعة سكانية معينة، ألا وهي "السراسين": وحسب هذا الفصل يجب طرد هؤلاء بصورة كاملة وقطعية من المقاطعات اللومباردية. ويُقرر أيضا أنه لن يتم قبول السراسين في المقاطعات مستقبلا. كما يأكد راديلكيس أنه لن يستعين بهم لحل الصراعات الداخلية بين اللومبارديين، وهو تصريح يشير إلى أنه قد جرى استخدام المرتزقة المسلمين في الصراعات الداخلية مؤخراً. والجدير بالاهتمام أيضا أن قرار طرد جميع السراسين يستبعد وفقا لنص الصك أولئك الذين كانوا بالفعل قد تحولوا إلى المسيحية في مرحلتي الحكم السابقتين أي تحت حكم سيكو (Sico) (حكمه ٨١٧-٨٣٢ أو ٨٣٤) وسيكارد (Sicard) (حكمه ٨٣٢-٨٣٩)، ولكن فقط إذا لم يرتدوا عن الدين المسيحي مجددا.

[§٥] يتضمن الفصل ٢٤ أيضا الضمانات المنصوص عليها في بداية صك "التقسيم" بتثبيت الأحقية بولايات (gastaldum) مونتيلا في كامبانيا (Campania) وأتشيرينزا في لوكانيا (Lucania) لسيكونولف. وأخيرا يقرّ الفصل ٢٦ الإعتراف الرسمي بسيكونولف على أنه أمير (princeps) وبناء على طلبه الخاص إعلان ساليرنو كعاصمة. وينتهي الاتفاق بتبادل الأسرى الذين تم إحتجازهم فيما يبدو كرهائن في السابق: من جانب راديلكيس اثنان من أبنائه وابن أخيه أو أبن عمه (nepos) ومن الجانب الآخر ابن عائلة لاندونيس (Landonis) وباندولفو (Pandulfo).[٦]

ربط السياق والتحليل والتفسير

[§٦] وكما سبق الذكر قامت حرب أهلية طويلة ومريرة قبل التوصل إلى اتفاقية السلام. وكان أصل النزاع هو أن راديلكيس الاول أمر في عام ٨٣٩ بقتل الأمير سيكارد ومن ثم فر سيكونولف شقيق القتيل إلى ساليرنو لتأسيس سلالة لومباردية خاصة به هناك. وتمردت في الوقت نفسه مقاطعة كابوا (Capua) اللومباردية ضد راديلكيس واستيلاءه غير الشرعي على الحكم. فطلب راديلكيس مساعدة المرتزقة المسلمين لقمع هذه المقاومة، وهي طريقة حرب تمت تجربتها من قبل في جنوب إيطاليا لأول مرة من طرف أندريا الثاني من نابولي (حكمه ٨٣٤-٨٤٠).[٧] وبثّ المقاتلون المسلمون الفوضى والإضطراب ونهبوا لصالح راديلكيس مناطق لومباردية ودمروا كابوا عن بكرة أبيها. كما استخدم سيكونولف أيضا المرتزقة السراسين. فاستولى المسلمون، الذين دخلوا المناطق الجنوبية الإيطالية والذين ربما تم تجنيدهم بشكل أساسي من المقاطعات الأغالبية في إفريقية وأجزاء من صقلية، على أراض في وقت وجيز.

[§٧] لا غرابة في أن هذا النوع من النزاعات دفع لتدخل لودفيغ الثاني في ضوء الوضع المتوتر في شبه الجزيرة الإيطالية الجنوبية بسبب "خطر السراسين". فلم يقتصر نشاط المرتزقة واللصوص والغزاة المسلمين على المناطق اللومباردية فحسب: بعد غارات على المدن الساحلية في بوليا (Puglia) وكالابريا (Calabria) تم غزو المناطق الداخلية الكامبانية (Campania) واللوكانية بما في ذلك من الأديرة والكنائس. لكن روما ومدينة أوستيا (Ostia) الساحلية التابعة لها حظيت بأكبر حصة من الاهتمام وتعرضت للتهديد ومن ثم الهجوم من طرف المسلمين. بالإضافة إلى هذه الغارات تم إخضاع بعض المناطق للهيمنة الإسلامية المؤقتة: في عام ٨٣٩ غزا المسلمون أولا تارانتو (Taranto) البيزنطية وثم في ٨٤٧ باري (Bari) حيث أمكنهم إنشاء إمارة خاصة بهم لمدة ٣٠ عاما. وقام لودفيغ الثاني بحملة أولى فاشلة بعد المفاوضات المذكورة، وفي المرة الثانية تمكن من السيطرة على المدينة بمساعدة أسطول بيزنطي في عام ٨٧١.

[§٨] وعلى الرغم من هذه الحركات المهددة لتوسع الحكم الإسلامي في شبه الجزيرة الإيطالية الجنوبية كان هناك أيضا درجة كبيرة من التعاون بين الحكام المسيحيين المحليين والمقاتلين المسلمين. أما في سياق إقتباس هذا المصدر فلا يبدو هذا التعاون جليا للوهلة الأولى، حيث يتم ذكر السراسين ظاهريا فقط وتم إختزالهم عما يبدو كمجموعة كبيرة ليس هناك معلومات أخرى متاحة عنها. ومع ذلك تنص السجلات التاريخية المحلية لهذه الفترة بوضوح أنه يمكن إدراك الفروق ضمن المجموعة، وعلى سبيل المثال تم تحديد الفرق بين "الموريون" (Mauri) و"السراسين" (Saraceni). ولم يكن هؤلاء بمثابة مرتزقة فحسب بل سرعان ما برزوا في الاوساط المقربة للحاكم. وعلى سيبل المثال جعل راديلكيس حراسه الشخصيين من المقاتلين المسلمين. وبينهم ترقى شخص يدعى معشر (Massar?) لدى الحاكم لدرجة أنه كان يطلق عليه لقب "القائد" (dux). هذا يظهر أن "السراسين" كانوا بمثابة الدعامة لهذا الحاكم المثير للجدل.

[§٩] عندما تدخل لودفيغ الثاني في النهاية في الحرب الأهلية اللومباردية وغزا مدينة بينيفنتو خضع راديلكيس الأول لملك إيطاليا (كان سيكونولف قد بايع لودفيغ الثاني قبل بضع سنوات) وعبر دونما إبطاء عن إستعداده لنبذ أولياءه المسلمين: فقد تم إعدام القائد معشر (Massar) على العلن[٨] الذي كان آمر القوات المسلمة المعلنة من طرف راديلكيس.[٩] وفي وقت لاحق كان على راديلكيس أن يلتزم بالسلام حسب صك "التقسيم" والذي تضمن إخراج المسلمين من أراضيه بالكامل وعدم قبولهم في المستقبل.

[§١٠] فيما يتعلق بالترحيل فإن مدى نجاح تطبيقه ملفت للنظر. وهناك في هذا السياق مصدر مثير للاهتمام هو السِفر تم نقله عبر الدير البينديكتيني "كافا دي تيريني" (Codex Diplomaticus Cavensis) الذي يحتوي على وثائق خاصة من أواخر القرن الثامن إلى أواخر القرن الحادي عشر.[١٠] حيث توجد فيه العديد من الوثائق التي تشير بوضوح إلى وجود المسلمين في المناطق التي يسيطر عليها اللومبارديون حتى بعد قرار إبعادهم. وتم ذكر "الساراسين" (Saraceni) و"الموريون" (Mauri) في هذه الوثائق القانونية أيضا بعد ٨٤٨ في سياقات مختلفة مما يثير الاعتقاد أنهم كانوا جزءا من الحياة اليومية اللومباردية. ويساعدنا علم أسماء الأماكن (الطوبونيميا) في إثبات هذا الاعتقاد. فتُظهر على سبيل المثال تسمية قطعة أرض "أرض السراسين" (terra sarracini) في كتاب وصف الحدود إحتمال إندماج وتأصل السراسين في إقليم لوكانيا وكامبانيا.[١١] وأظهرت البحوث الحديثة حول المستوطنات الإسلامية على نهر جاريليانو (Garigliano) في المنطقة الحدودية بين كامبانيا ولاتيو (Lazio) أنه لا يزال من الممكن العثور على أدلة تشير إلى نشاط المسلمين هناك حتى العقد الثاني من القرن العاشر.[١٢]

[§١١] عند هذه النقطة يجب التساؤل فيما إذا كان هؤلاء السراسين المذكورين في الوثائق هم في الأساس مسلمون أم أنهم مرتدون أو أحفاد مسيحيون من المسلمين. ويشير صك "التقسيم" إلى تنصير بعض المسلمين تحت الحكم اللومباردي في النصف الأول من القرن التاسع لأنه يستبعد هؤلاء السراسين من الطرد الذين اعتنقوا الديانة المسيحية تحت حكم سيكو وسيكارد أي قبل اندلاع الحرب الأهلية اللومباردية. وبالتالي فإن هذه الإشارة ذات صلة بعدة نواحي: فهي تشير إلى وصول مبكر للمسلمين إلى إمارة بينيفنتو بشكل ملحوظ، حتى قبل أن يتم تجنيدهم كمرتزقة لمحاربة حكام جنوب إيطاليا الآخرين المسيحيين أيضا. ومن المثير للاهتمام أيضا أن بعض هؤلاء المسلمين تحولوا للمسيحية لأسباب غير محددة. وتشير حقيقة استمرار إستخدام مصطلح "السراسين" (Saraceni) في صك "التقسيم" إلى أنه هنا لم يعط معنى دينيا فحسب بل يمكن أن يشير أيضا إلى أصلهم العرقي. ويجب الاخذ بعين الاعتبار أيضا فيما إذا كانت مادة الصك الموجهة ضد السراسين تستهدف مجموعة الأشخاص النشطين عسكريا في الصراع فقط ولا تستهدف السراسين الآخرين الذي تم إعفاءهم من هذا الحظر. وفي كل الاحوال يمثل صك "التقسيم" لراديلكيس الأول نصا قانونيا قديما جدا بشأن التعامل مع أقلية جديدة التي كانت مسلمة (أو مسلمة سابقا) تحت الحكم المسيحي في جنوب إيطاليا والحالة الخاصة لحظر التعامل.

(الترجمة: إسماعيل مكحل)


اصدارات المصادر المحققة وترجماتها

Radelgisi et Siginulfi divisio ducatus Beneventani, ed. Ferdinand Blum (MGH LL 4), Hannover: Hahnsche Buchhandlung, 1868, pp. 221-225.


المراجع المقتبسة والتفصيلية الغير عربية

Berto, Luigi Andrea: Oblivion, Memory, and Irony in Medieval Montecassino: Narrative Strategies of the “Chronicles of St. Benedict of Cassino”, in: Viator 38/1 (2007), pp. 45-61.
Conant, Jonathan P.: Anxieties of Violence: Christians and Muslims in Conflict in Aghlabid North Africa and the Central Mediterranean, in: Al-Masāq 27 (2015), pp. 7-23.
Di Branco, Marco; Wolf, Kordula: Hindered Passages. The failed Muslim Conquest of Southern Italy, in: Journal for Transcultural Medieval Studies 1/1 (2014), pp. 51-73.
Di Branco, Marco; Matullo, Gianmatteo; Wolf, Kordula: Nuove ricerche sull’insediamento islamico presso il Garigliano (883-915), in: Elena Calandra, Giuseppina Ghini, Zaccaria Mari (eds), Lazio e Sabina 10. Atti del Convegno. Decimo Incontro di Studi sul Lazio e la Sabina, Roma 4-6 giugno 2013 (Lavori e Studi della Soprintendenza per i Beni Archeologici del Lazio 10), Rome: Soprintendenza per i Beni Archeologici del Lazio, 2014, pp. 273-280.
Enzensberger, Horst: Unteritalien seit 774, in: Theodor Schieder (ed.), Handbuch der europäischen Geschichte, vol. 1: Europa im Wandel von der Antike zum Mittelalter, Stuttgart: Klett Cotta, 1976, pp. 784-804.
Gantner, Clemens: “Our Common Enemies Shall Be Annihilated!” How Louis II’s Relations with the Byzantine Empire Shaped his Policy in Southern Italy, in: Klaus Herbers, Kordula Wolf (eds), Southern Italy as Contact Area and Border Region during the Early Middle Ages: Religious-Cultural Heterogeneity and Competing Powers in Local, Transregional and Universal Dimensions, Cologne: Böhlau, 2018, pp. 295‒314.
Gasparri, Stefano: Il ducato e il principato di Benevento, in: G. Galasso, R. Romeo (eds), Storia del Mezzogiorno 2,1, Naples: Edizioni del Sole, 1988, pp. 85-146.
Houben, Hubert: Il Principato di Salerno e la politica meridionale dell'Impero d'Occidente, in: Rassegna storica salernitana NS 4 (1987), pp. 59-83.
Houben, Hubert: Il saccheggio del monastero di S. Modesto in Benevento. Un ignoto episodio delle incursioni arabe nel Mediterraneo, in: Hubert Houben (ed.), Medioevo monastico meridionale (Nuovo Medioevo 32), Naples: Liguori, 1987, pp. 55-65.
Houben, Hubert: Benevent und Reichenau. Süditalienisch-alemannische Kontakte in der Karolingerzeit, in: Quellen und Forschungen aus italienischen Archiven und Bibliotheken 63 (1983), pp. 1-19.
Kreutz, Barbara: Before the Normans: Southern Italy in the Ninth and Tenth centuries (The Middle Ages Series), Philadelphia: University of Pennsylvania Press, 1996.
Marazzi, Federico: ‘Ita ut facta videatur Neapolis Panormus vel Africa’. Geopolitica della presenza islamica nei domini di Napoli, Gaeta, Salerno e Benevento nel IX secolo”, in: Schede medievali. Rassegna dell’officina di studi medievali 45 (2007), pp. 159-202.
Martin, Jean-Marie: Guerre, accords ed frontières en Italie méridionale pendant le haut Moyen Age (Sources et documents d'histoire du Moyen Âge 7), Rome: École française de Rome, 2005.
Musca, Giosuè: L’emirato di Bari 847-871, Bari: Dedalo, 1964.
Obenaus, Andreas: „… Diese haben nämlich die maurischen Piraten verwüstet“. Islamische Piraterie im westlichen Mittelmeerraum während des 9. und 10. Jahrhunderts, in: Andreas Obenaus, Eugen Pfister, Birgit Tremml (eds), Schrecken der Händler und Herrscher. Piratengemeinschaften in der Geschichte, Vienna: Mandelbaum, 2012, pp. 33-54.
Poupardin, René: La date du „Capitulare Hlotharii de expeditione contra Saracenos facienda“, in: Le Moyen Âge 20 (1907), pp. 22-25.
Reumont, Alfred: Un documento di Lotario I imperatore riguardo alla difesa di Roma ed al ducato beneventano, in: Archivio storico italiano Ser. 3, 21 (1875), pp. 347-349.
Settia, Aldo Angelo: Castelli e villaggi nell'Italia padana. Popolamento, potere e sicurezza fra IX e XIII secolo (Nuovo medioevo 23), Naples: Liguori, 1984.
Zielinski, Herbert: Ein unbeachteter Italienzug Kaiser Lothars I. im Jahre 847, in: Quellen und Forschungen aus italienischen Archiven und Bibliotheken 70 (1990), pp. 1-22.


أسلوب الإقتباس الموصى به

تيريزا ياك, "٨٤٨: قرار لطرد المسلمين من الولايات اللومباردية", ضمن تاريخ العلاقات عبر البحر المتوسط. مقتطفات المصادر الأصلية المزودة بتعليقات, أصدرها دانيال ج. كونيغ وتيريزا ياك, إيريك بوهمى ,عنوان موقع الويب: https://wiki.uni-konstanz.de/transmed-ar/index.php/٨٤٨:_قرار_لطرد_المسلمين_من_الولايات_اللومباردية. التغييرات الأخيرة: 17.09.2021, تأريخ الوصول: ٣١.١٠.٢٠٢٤.

الكلمات الدلالية

إتفاقية سلام، الإرتزاق، تغيير الدين، التعاون، جنوب إيطاليا، حلف، الدبلوماسية، ساليرنو، طرد المسلمين، علم الوثائق، لودفيغ الثاني، اللومبارديون، مصطلح "السارسين"


  1. Divisio ducatis Beneventani, ed. Bluhm, pp. XLII-XLIII., pp. 221
  2. Kreutz, Normans, p. 51; Houben, Potere, p. 192
  3. Chronicon Cassinense, ed. Georg Waitz (MGH SS rer. Lang.), Hannover: Hahnsche Buchhandlung, 1878, pp. 467-489, here: cap. 12, p. 474; Die Chronik von Montecassino, ed. Hartmut Hoffmann (MGH SS 34), Hannover: Hahn’sche Buchhandlung, 1980, pp. 83-84; Andreas of Bergamo, Historia, ed. Georg Waitz (MGH SS rer. Lang.), Hannover: Hahn’sche Buchhandlung, 1878, pp. 220-230, here: cap. 12, p. 227
  4. http://www.regesta-imperii.de/en/home.html
  5. Regesta Imperii I. Die Regesten des Kaiserreichs unter den Karolingern 751-918 (926), vol. 3: Die Regesten des Regnum Italiae und der burgundischen Regna. Tl. 1. Die Karolinger im Regnum Italiae 840-887 (888), ed. Johann Friedrich Böhmer, Herbert Zielinski, Köln: Böhlau, 1991, no. 53-55, pp. 21-23; Poupardin, Date, pp. 22-25; Martin, Guerre, p. 3, يبقى مارتين غير محدد بين مايو / أيار ٨٤٨ و٨٤٩. وهذا يجعل تحديد وقت صك "التـقسيم" (divisio) في سنة ٨٤٨ أكثر ترجيحاً
  6. Divisio ducatis Beneventani, ed. Bluhm, p. 225
  7. Iohannes Neapolitensis, Gesta episcoporum Neapolitanorum, ed. Georg Waitz ( MGH SS rer. Lang.), Hannover: Hahn’sche Buchhandlung 1878, pp. 424-435, here: cap. 57, p. 431
  8. Poupardin, Date, pp. 22-25; Musca, Bari, p. 38; Regesta Imperii I,3,1, no. 54
  9. Settia, Castelli, pp. 45-46; Houben, Benevent, pp. 7-8
  10. Codex diplomaticus Cavensis, vol. 1: a. 792-960, ed. Mauro Schiani, Michele Morcaldi, Silvano De Stefano, Naples 1873
  11. Kreutzer, Normans, p. 51-52
  12. Di Branco, Matullo, Wolf, Insediamento islamico