٦٩٤: إتهام اليهود في سجلات المجمع الكنسي السابع عشر في طليطلة
المؤلف(ة): دانيال ج. كونيغ |
المصدر
(الترجمة: إسماعيل مكحل) Concilium Toletanum XVII (694), in: José Vives, Concilios visigóticos e hispano-romanos, ed. José Vives, Tomás Marín Martínez, Gonzalo Martínez Díez, Barcelona, Madrid: CSIC, 1963, p. 524, 534-36 | |
[rex Egica] unde nostram gloriam summa ratio cogit valida illis intentione resistere, cum in aliquibus mundi partibus alios dicuntur contra suos christianos principes resultasse, plerosque vero iusto Dei iudicio a christicolis regibus interemptos fuisse; praesertim quia nuper manifestis confessionibus indubie invenimus hos in transmarinis partibus haebreos alios consuluisse, ut unanimiter contra genus christianum agerent praestolantes perditionis suae tempus, qualiter ipsius christianae fidei regulam depraverent. | [قال الملك ايجيكا]: ولذلك هناك أسباب قاهرة تلزم عظمتنا أن نقاومهم [يعني اليهود] بكل قوة. حيث يقال في أصقاع أخرى من الأرض أن العديد منهم تمردوا على أمرائهم المسيحيين فقُتل العديد منهم حسب شرع الله العادل من طرف الحكام المسيحيين. [وهذه الأسباب تلزمنا] بصورة خاصة لأننا اكتشفنا مؤخراً وبدون شك حسب بعض الإعترافات أن هؤلاء اليهود أوعزوا لليهود الآخرين على الجانب الآخر للبحر بتوحيد المقاومة ضد الشعب المسيحي والقضاء على نظام الديانة المسيحية وهم في إنتظار نهاية الزمان. |
[canon 8] Et ideo quia plebs iudaeorum nequissima sacrilegi nota respersa et effusione sanguinis Christi cruenta ac multotiens iusiurandi profanatione noscitur maculosa, ut copiosa sunt eorum scelera, sic necesse est ut gravem sese incurrisse lugeant animadversionis iacturam, qui super talia sua scelera non solum statum ecclesiae perturbare maluerunt, verum etiam ausu tyrannico inferre conati sunt ruinam patriae ac populo universo, ita nempe ut suum quasi tempus invenisse gaudentes diversas in catholicos exercerent strages. Unde crudelis et suptenda praesumptio crudeliori debet exstirpari supplicio, et ita in eis ordinatum debet saevire iudicium quatenus usquequaque puniatur quod nequiter definitum praenoscitur. | [التشريع الثامن] وبما أنه من المعروف أن الشعب اليهودي ضالع بأعمال التدنيس وبالحنث المتكرر ومسؤول عن إراقة دم المسيح بوحشية وأن جرائمه متعددة، فمن الضروري أن يذرف هؤلاء الدموع وأن يخضعوا لعقوبات شديدة حيث أنهم لم يقوموا فقط بمحاولة زعزعة أمن الكنيسة بجرائم أخرى بل سعوا أيضا على أساس حبهم للإستحواذ الإستبدادي إلى التدمير الكامل للوطن والشعب وهم يفرحون بان فرصتهم قد سنحت الآن للقضاء على الكاثوليكيين. وبناءاً على ذلك يجب الرد بعقوبات صارمة على هذه المحاولة الغادرة والمثيرة للعجب، حيث يجب إدانتهم بصورة مناسبة لإيقاع العقوبة بهم على ما إختلقوه زورا وبهتانا. |
Qua de causa dum in hac sancta synodo per aliarum causarum semitas dirigeremus cautissimos gressos, ex templo eorumdem infidorum conspiratio ad unionis nostrae pervenit auditus, eo quod non solum contra suam pollicitationem suorum ritum observatione tunicam fidei, qua eos per undam baptismatis induit sancta mater ecclesia maculaverint, sed et regni fastigium sibi, ut praemissum est, per conspirationem usurpare maluerint. | وبينما نحن هنا في هذا المجمع الكنسي المقدس (سينودوس) منشغلون بشؤون أخرى ونحقق تقدما بطيئا، إنتهى إلى أسماعنا فجأة خبر مؤامرة هؤلاء الكفرة. حيث أنهم لم ينكثوا فقط وعدهم الذي قطعوه عندما لبسوا ثياب الإيمان الذي ألبستهم إياه أمّهم الكنيسة المقدسة في مياه المعمودية، بل تطلعوا للإستحواذ على العرش الملكي أيضا كما سبق الذكر. |
Quod infaustum facinus dum ex ipsorum professionibus noster plenissime nosset conventus huius decreti nostri sententia eos decernimus irrevocabili feriri censura, scilicet ut ex iussione piisiimi et religiosissimi principis nostri Egicanis, qui zelo Domini accensus et sanctae fidei ardore compulsus non solum iniuriam crucis Christi vindicare vult sed et gentis suae ac patriae exitium, quod fore illi inferendum saevius decrevere, acrius stirpare intendit, suis omnibus rebus nudati, et ipse resculae fisci viribus sociatae tam eorumdem perfidorum personae quam uxorum eorum ac filiorum vel reliquae posteritatis a locis propriis exulatae per cunctas Spaniae provincias perpetuae servituti subactae, his quibus eos iusserit servituros largitae, maneant usquequaque dispersae: nec quoquo pacto eis in infidelitatis suae obstinatione durantibus ad ingenuitatis statum detur quandoque occasio revertendi, quos numerosa examussim facinorum suorum macula denotavit. | وإننا نقرر بعد أن علم مجمعنا بهذا النبأ بجميع تفاصيله حسب إعترافاتهم الشخصية بهذه الجريمة البشعة، بأنهم يخضعون حسب مرسومنا إلى عقوبة غير قابلة للنقض حسب الآتي: بأمر الأمير الخاشع المؤمن الملك ايجيكا الشغوف بالغيرة على الله والمشع بنور الدين المقدس الذي لا يرغب فقط بالثأر للظلم المرتكب عند صليب المسيح بل أيضا بإيقاف فناء شعبه ووطنه بأي وسيلة كانت الذي سعوا [يعني اليهود] لتنفيذه غدراً، يتم الإقرار بأن تصادر بيوتهم كبيرها وصغيرها، ويتم إستئصال وإبعاد الغادرين ونسوتهم وخلفهم من مناطقهم وتوزيعهم إلى جميع أنحاء إسبانيا وأن يقبعوا تحت العبودية الأبدية لدى الأشخاص الذين يعينهم الملك. علاوة على ذلك لا يستعيد أولئك الضالعين بالجرائم المتعددة حريتهم تحت أي من الظروف طالما كان لديهم الإصرار على تعنتهم وبقائهم على الكفر. |
المؤلف وأعماله
[§١] إن إقتباس المصدر الذي تم إختياره هو عبارة عن ملخص من سجلات المجمع الكنسي السابع عشر في طليطلة برئاسة الملك القوطي الغربي ايجيكا (حكمه ٦٨٧-٧٠١ م). وتم عقد مجالس المملكة هذه بانتظام، ولو في فترات غير منتظمة، في عاصمة المملكة القوطية الغربية منذ أن قامت النخبة القوطية بتغيير مذهبها الديني من شكل من أشكال مذهب الآرية القوطية إلى مذهب الكاثوليكية في مجلس طليطلة الثالث (٥٨٩ م). وبعد سقوط الامبراطورية الرومانية الغربية شارك ملوك المملكة الفرنجية وإيطاليا وبريطانيا الأنجلو ساكسونية في المجامع من حين لآخر، مثلا ملك الفرنجة كلودفيغ في مجمع أورلينز (٥١١ م). أما في المملكة القوطية الغربية الإسبانية فتطور المجمع الذي كان يُعقد دائما في طليطلة بعد ٥٨٩ م إلى تجمع تفاعل فيه الملك ورجال الدين مع بعضهم البعض واتخذوا قرارات مشتركة بشأن النظام السياسي والديني للمملكة القوطية الغربية. وكانت لمجامع المملكة القوطية الغربية هذه في مجمل أوروبا اللاتينية المسيحية المبكرة لا مثيل لها في مركزيتها.[١] كما هو الحال في هذا المصدر المقتبس تم إفتتاح هذه المجامع من خلال خطاب منهجي للملك يتم تسجيله أيضا خطيا في سجلات المجمع. ويلي ذلك قرارات الأساقفة الحاضرون مقسمة إلى تشريعات (canones) تعكس المواضيع التي تحدث عنها الملك وتصادق على الاقل على جزء من متطلباته ورغباته. ولا يمكن النظر إلى مجامع المملكة على أنها هيئة وظيفتها تكمن فقط في الموافقة على مطالب ملك القوط. فسجلات المجامع المتوارثة هي في الأغلب نتيجة مباحثات حول مواضيع معينة جرت بين الحاكم والأساقفة. وبدا أن الأساقفة لعبوا دورا فعالاً لدى إعتماد الملك إرفيج (حكمه ٦٨٠-٦٨٧ م) بعد عزل الملك وامبا (حكمه ٦٧٢-٦٨٠ م).[٢]
المحتويات والإطار التاريخي للمصدر
[§٢] وكان أحد الاجزاء الاساسية للمناقشات في المجمع السابع عشر في طليطلة موضوع إتهام الملك لليهود بمؤامرة ضد مملكة القوط الغربيين ونظام المملكة المسيحي. ورغب المجمع في تنفيذ عقوبات بالغة القسوة ضد جميع اليهود الذين يعيشون في المملكة القوطية الغربية ومنها مصادرة الممتلكات والإستعباد. وتصنف هذه الإجراءات ضد اليهود في الإطار الواسع للسياسية الدينية ضد الديانات المغايرة منذ تغيير المذهب في ٥٨٩ م. ولا تثبت الإجراءات التعسفية الأولى ضد اليهود في هذه المرحلة بل ظهرت هذه الإجراءات المشددة مثلاً في إلغاء حقوقهم أو حتى في إرغامهم على تغيير دينهم إلى المسيحية. وينعكس ما سبق في التشريعات الملكية كما في مجامع المملكة في طليطلة على حد سواء.[٣] وتمت الاجراءات ضد اليهود المتشددة بصورة خاصة تحت الحكام: سيزبوت (حكمه ٦١٢-٦٢٠ م) وشينتيلا (حكمه ٦٣٦-٦٤٠ م) وشيندازونث (حكمه ٦٤١-٦٥٢ م) وريكيزفنث (حكمه ٦٤٩-٦٧٢ م) وايرفيغيوس (حكمه ٦٨٠-٦٨٧ م) وأخيراً تحت ايجيكا (حكمه ٦٨٧-٧٠١ م). وتم دعم هذه الإجراءات من خلال قرارات الاساقفة في مجامع متعددة، وبينها مجمع طليطلة الثالث (٥٨٩ م)، الرابع (٦٣٣ م)، الخامس (٦٣٨ م)، التاسع (٦٥٥ م)، العاشر (٦٥٦ م)، الثاني عشر (٦٨١ م)، وأخيراً المجمع السابع عشر (٦٩٤ م).[٤] ويختلف الباحثون حول مدى إنعكاس واقع اليهود الفعلي في المملكة القوطية في صيغة التشريعات. فمن ناحية ليس من الواضح عدد اليهود في هذه المملكة: فهل يقتصر الامر على أقلية صغيرة أم كما وصفهم ألويسيوس زيغلر (Aloysius Ziegler) "بنية قوية عدوانية نشرت عقيدتها وتتوق إلى التبشير" إلى حد أن شعر المسيحيون أنهم مهددون من طرفهم؟[٥] وعلى أي حال ومن نحية أخرى يشير تكرار نفس الأحكام وأيضاً وجود مؤشرات إلى عدم الامتثال لها حتى من طرف رجال الدين، إلى وجود تباين فيما بين الأحكام القانونية وتنفيذها. وقد دفع هذا الأمر بعض الباحثين إلى التذرُّع بأن الإجراءات المتخذة لم تتماشى بالضرورة مع السكان المسيحيين في المملكة القوطية الغربية.[٦] ولكن يستحيل إنكار رأي الباحث راؤول غونزاليس سالينيرو (Raúl González-Salinero) الذي قال أن وجود هذه الأحكام خلق "جو من العدوانية الاجتماعية والكراهية تجاه اليهود" فقط في المملكة القوطية الغربية.[٧] وكان هناك أيضا ممارسات معادية لليهود في مملكة الإفرنج الميروفنجيين تحت حكم الملك داغوبيرت (حكمه ٦٢٣/٦٢٩-٣٣٩ م) أو في بيزنطة تحت الإمبراطور هرقل (حكمه ٦١٠-٦٤١ م) إلا ان تنظيم وقسوة الأحكام المتكررة في المملكة القوطية الغربية ليس لهما نظير لا في الغرب اللاتيني ولا في المملكة البيزنطية في القرنين السابع والثامن.[٨] وعما يبدو يتوجب ان يتوافق المرء مع بول دافيد كينغ (Paul David King) بأن النخبة القوطية الغربية قامت بعملية المساواة بين المملكة (regnum) والكنيسة (ecclesia) بعد التحول لمذهبها في عام ٥٨٩ م، وصارت معاداة اليهود عنصراً أساسياً من نظام الحكم القوطي الغربي نتيجةً ذلك.[٩] وتم في مجمع طليطلة السابع عشر إتهام يهود المملكة على وجه التحديد بالرغبة في الإطاحة بحكامهم والإقتداء بأقرانهم في الدين في أجزاء أخرى من العالم المسيحي المتوسطي وبالتعاون مع مجموعات يهودية أخرى عبر البحر (in transmarinis partibus). وبالنظر إلى واقع تولية حسان بن النعمان والياً في شمال إفريقيا في سنة ٧٤ ه / ٦٩٤ م تقريباً الذي قام بجيشه الجرار بالقضاء على آخر مقاومة بربرية وبيزنطية ضد الحكم الإسلامي في منطقة ما يعرف اليوم بتونس، فأمكن التوقع بقدوم الخطر ضد المملكة القوطية الغربية عبر البحر في المستقبل القريب. فأعد حسان بن النعمان العدة بذلك لترسيخ حكم المسلمين على مضيق جبل طارق تحت حكم موسى بن النصير أحد الغزاة المستقبليين لشبه الجزيرة الايبيرية (الاندلس).[١٠] إلا انه من غير الواضح ما كانت تعرفه النخبة القوطية الغربية في ٦٩٤ م حول الأحوال في شمال افريقيا وفيما إذا كانت تربط بين توسع الحكم الاسلامي وسياستها المعادية لليهودية. ويتنازع الباحثون حول ما ورد في تأريخ ألفونص الثالث (Chronica Alfonsi III) في القرن التاسع ميلادي ان الملك وامبا (حكمه ٦٧٢-٦٨٠ م) كان قد صد هجوما بحريا للمسلمين.[١١] وربما شكل الملك إيجيكا فكرة عن العلاقات بين شمال أفريقيا وشبه جزيرة أيبيريا حيث يمكن قراءتها في أحد الاحكام الذي يمنع فيه اليهود الذين تعنتوا في إيمانهم من الذهاب إلى أرصفة الموانئ البحرية لممارسة التجارة عبر البحر.[١٢] لكن هذا لا يشير إلى إمكانية وجود معلومات دقيقة لديه حول التوسع للحكم الإسلامي وفيما إذا كان يتعرف على المسلمين على أنهم مجموعة دينية مختلفة عن اليهود أو حتى ربط نظريته حول مؤامرة يهودية ضد حكمه ببسط الحكم الإسلامي في شمال إفريقيا.
ربط السياق والتحليل والتفسير
[§٣] من الواضح أنه كان يُنسب إلى بعض الحكام الآخرين قبل حقبة إيجيكا اتخاذ إجراءات ضد اليهود لأنهم خافوا من زعزعة استقرار حكمهم. وتفيد تقارير "تأريخ فريدغر" بأن الإمبراطور البيزنطي هرقل (حكمه ٦١٠-٦٤١ م) تنبأ عبر ممارساته التنجيمية بالإطاحة بحكمه قريباً "من طرف شعوب مختونة" (a circumcisis gentibus). ولأنه تعرف على أولئك بأنهم اليهود، قيل أنه أمر بإجراءات تغيير ديانتهم قسرياً في جميع مقاطعات إمبراطوريته وأرسل أيضاً إلى ملك الإفرنج الميروفينجيين داغوبيرت (حكمه ٦٢٣/٦٢٩-٣٣٩ م) طالبا منه تعميد جميع يهود مملكته. وأذعن داغوبيرت فورا لهذا الطلب.[١٣] ويفترض أن يكون من ضحايا إجراءاته القسرية أيضا اليهود الذين فروا إلى بلاد الغال قبل تغيير ديانتهم قسرياً في سجلات مجمع طليطلة الرابع المذكور تحت حكم الملك سيزبوت (حكمه ٦١٢-٦٢٠ م).[١٤] وهناك علاوة على ذلك مزاعم في نفس الفترة، أي الثلاثينات والأربعينات من القرن السابع الميلادي أن اليهود تعاونوا مع المسلمين المتوسعين في شمال إفريقيا. وبين ٦٣٤ و٦٤٠ م انتقد الراهب ماكسيموس المعترف (Maximus Confessor) المتمركز في شمال أفريقيا المعمودية الإجبارية التي أمر بها هرقل والتي صدر الأمر بها في قرطاجة حوالي ٦٣٢ م على ما يظهر. لكنه إتهم اليهود بالترحيب بالمسلمين ودعمهم بصورة فاعلة.[١٥] ويشير كتاب "تعاليم يعقوب حديث العماد" (Doctrina Jacobi nuper baptizati) إلى ما شابه ذلك، حيث انه نص يوناني يُعتقد ان كاتبه يهودي اعتنق المسيحية مؤخرا. وفيه مثلا تقارير حول سرور بعض اليهود بمقتل مسؤول بيزنطي من طرف المسلمين ويدعي الكاتب أن اليهود وصفوا الإمبراطورية البيزنطية على أنها الوحش الرابع حسب نبوءة النبي دانيال. بالإضافة إلى ذلك تم التأكيد بصورة واضحة على أن محمداً نبي مسلح مزيف قادم من الصحراء لا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال المسيح المهدي المنتظر من طرف اليهود، لذلك يجب على اليهود الاعتراف بعيسى المسيح على أنه المسيح المهدي الحقيقي.[١٦] أما فيما يتعلق بشبه الجزيرة الأيبيرية فهناك، بالإضافة إلى نظرية المؤامرة المعروضة في المجمع السابع عشر في طليطلة (٦٩٤ م) مؤشرات على تآمر محتمل بين اليهود المملكة القوطية الغربية والمسلمين المشتغلين في توسع حكمهم. وفقا لتأريخ "أخبار مجموعة"، وهو تأريخ مجهول الكاتب ومثير للجدل فيما يتعلق بتوقيته، تصرف المسلمون بعد دخولهم المدن الأيبيرية على النحو التالي: "وكانوا اذا الفوا اليهود ببلدة ضمّوهم الى مدينة البلد وتركوا معهم من المسلمين طائفة ومضى عظم الناس ففعلوا ذلك بغرناطة [و] مدينة البيرة ولم يفعلوا ذلك بمالقة [و] مدينة ريّة لانّهم لم يجدوا بها يهوداً (...)."[١٧] ويعتقد معظم الباحثين على خلفية المعمودية القسرية في الإمبراطورية البيزنطية والتشريعات القوطية شديدة الصرامة ضد اليهود، أنه من المعقول أن يهود شمال إفريقيا وشبه الجزيرة الأيبيرية، إذا لم يرحبوا بالحكم الإسلامي ويدعمونه فعلى الأقل لم يفعلوا شيئا لمنع تقدمهم بصورة فاعلة.[١٨] لكن نورمان روث (Norman Roth) بمفرده يرى هنا شكلا من الأساطير المعادية للسامية يريد من خلالها إلقاء اللوم على اليهود بشأن الفتح الإسلامي لشبه الجزيرة الأيبيرية، ويتجسد ذلك بصورة خاصة في الخطابات الإسبانية القومية في فترات لاحقة.[١٩] وبالنظر للتعاملات البيزنطية والقوطية مع مجموعات السكان اليهود فإن عدم وجود مقاومة لاستيلاء المسلمين على الحكم وتعاون بعض اليهود مع النخب الجديدة لا يبدو مفهوما بالكامل فقط، بل يجب علينا أن نشير إلى تعاون عديد من مجموعات السكان غير اليهودية مع المسلمين، بحيث لا يمكن للمرء أن يفترض أن دعم الاستيلاء الإسلامي ينحصر فقط باليهود. وتوضح المصادر اليونانية واللاتينية والعربية من مختلف التوجهات مرارا وتكرارا أن التعاون مع النخب الجديدة يجب أن يُنظر إليه وأخذه بعين الإعتبار كعامل أساسي لنجاح توسع الحكم الإسلامي جنبا إلى جنب مع محاولات التفسير الأخرى.[٢٠]
(الترجمة: إسماعيل مكحل)
اصدارات المصادر المحققة وترجماتها
المراجع المقتبسة والتفصيلية العربية
مؤنس، حسين: فجر الأندلس. دراسة في تأريخ الأندلس من الفتح الإسلامي إلى قيام الدولة الأموية (٧١١-٧٥٦ م)، القاهرة: دار الرشاد، ٢٠٠٥ م [إعادة الطباعة من الأصل المنشور ١٩٥٩ م.
المراجع المقتبسة والتفصيلية الغير عربية
أسلوب الإقتباس الموصى به
دانيال ج. كونيغ, "٦٩٤: إتهام اليهود في سجلات المجمع الكنسي السابع عشر في طليطلة", ضمن تاريخ العلاقات عبر البحر المتوسط. مقتطفات المصادر الأصلية المزودة بتعليقات, أصدرها دانيال ج. كونيغ وتيريزا ياك, إيريك بوهمى ,عنوان موقع الويب: https://wiki.uni-konstanz.de/transmed-ar/index.php/٦٩٤:_إتهام_اليهود_في_سجلات_المجمع_الكنسي_السابع_عشر_في_طليطلة. التغييرات الأخيرة: 19.03.2021, تأريخ الوصول: ٢٢.١١.٢٠٢٤. |
الكلمات الدلالية
الأساقفة، الإستعباد، الإستيلاء، الإضطهاد، الاندلس، التجارة، التعاون، توسع الحكم العربي الاسلامي، سياسة دينية / عقائدية، شبه الجزيرة الايبيرية، شمال افريقيا، العبودية، العقوبات، طليطلة، الغزو، القوط الغربيون، الكنيسة، مجمع كنسي، الملكية، المملكة القوطية الغربية، اليهود، اليهودية
- ↑ Collins, Arab Conquest, p. 6; Ziegler, Church and State.
- ↑ Concilium Toletanum XII, ed./trans. Vives, pp. 381-88; Teillet, La déposition, pp. 99-113.
- ↑ Görres, Rekared und das Judentum, p. 293; Ziegler, Church and State, p. 189; Schäferdiek, Kirche, p. 231; Thompson, Goths in Spain, p. 112
- ↑ König, Bekehrungsmotive, pp. 407-413; Dumezil, Racines chrétiennes, pp. 120-130.
- ↑ Ziegler, Church and State, p. 197.
- ↑ Thompson, Goths in Spain, p. 316
- ↑ González-Salinero, Catholic Anti-Judaism, p. 125
- ↑ Thompson, Goths in Spain, p. 316
- ↑ King, Law and Society, pp. 130-144, p. 132
- ↑ Dhanūn Ṭāhā, Muslim Conquest, pp. 69-76
- ↑ Chronique d’Alphonse III, ed. Yves Bonnaz, Chroniques asturiennes (fin IXe siècle), Paris: Éditions CNRS, 1987, cap. 1,3, p. 33; Riess, Narbonne, p. 190
- ↑ Lex Visigothorum, ed. Karl Zeumer (MGH Leges: Leges nationum germanicarum I: Leges Visigothorum), Hannover: Hahn, 1902, cap. XII,2,18: Flavius Egiga rex: De perfidia Iudeorum, p. 427: „scilicet ut nec ad cataplum pro transmarinis commerciis faciendis ulterius audeant properare“.
- ↑ Chronicarum quae dicuntur Fredegarii scholastici, ed. Bruno Krusch (MGH SS rer. Merov., 2), lib. IV, cap. 65, p. 153: „Cum esset litteris nimius aeruditus, astralogus effecetur; per quod cernens, a circumcisis gentibus diuino noto emperium esse uastandum, legationem ad Dagobertum regem Francorum dirigens, petens, ut omnes ludeos regni sui ad fidem catolecam baptizandum preciperit. Quod protenus Dagobertus empleuit. Aeraglius per omnea prouincias emperiae talem idemque facere decreuit. Ignorabat, unde haec calametas contra emperium surgerit.“ إن التغيير الديني القسري هذا موثق أيضاً في: Gesta Dagoberti I. regis Francorum, ed. Bruno Krusch (SS rer. Merov. 2), Hannover: Hahn, 1888, cap. 24, p. 409; Esders, Herakleios, Dagobert und die „beschnittenen Völker“, pp. 239-311.
- ↑ Concilium Toletanum [Toledo] IV (633), can. 57, ed./trans. Vives, p. 210.
- ↑ Kaegi, Muslim Expansion, pp. 84-85
- ↑ Dagron and Déroche, Juifs et chrétiens, pp. 17-248; Kaegi, Initial Byzantine Reactions, pp. 141-142; Hoyland, Seeing Islam, pp. 55-61.
- ↑ Aḫbār maǧmūʿa, ed./transl. Lafuente y Alcántara, p. 12
- ↑ Dubnov, History, pp. 524-527; Muʾnis, Faǧr al-Andalus, pp. 410-412; Thompson, Goths in Spain, p. 319; Kaegi, Muslim Expansion, p. 84
- ↑ Roth, The Jews and the Muslim Invasion, p. 145
- ↑ بالنسبة للتعاون كأحد عوامل توسع الحكم الاسلامي بشكل عام راجع، على سبيل المثال لا الحصر: König, Arabic-Islamic Views, p. 47; بالنسبة للنماذج المختلفة لإيضاح نجاح توسع الحكم الاسلامي راجع: Kennedy, The Great Arab Conquests, pp. 48-65; Noth, Der Frühe Islam, pp. 58-73; Donner, The Islamic Conquests, pp. 28-50; Collins, The Arab Conquest, pp. 5-7.