الفرق بين المراجعتين لصفحة: «٦٥٣: البابا مارتن الأول ينكر في إحدى رسائله التعاون مع السراسينيين المتوسعين»

اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا يوجد ملخص تحرير
(أنشأ الصفحة ب'{{فصل لاتيني-عربي 01|دانيال ج. كونيغ|Martinus I. papa, ep. 14 ad Theodorem, ed. Jacques-Paul Migne (Patrologia Latina 87), Paris: Migne, 1863, c...')
 
لا ملخص تعديل
سطر ٨: سطر ٨:
==ربط السياق والتحليل والتفسير==
==ربط السياق والتحليل والتفسير==


[٣§] ليس من الواضح من هم المعنيون بالسراسينيين. هل هم مسيحيون عرب تحت الحكم البيزنطي تمكنوا من البقاء بعد التوسع العربي الإسلامي؟<ref name="ftn5">Kawar, Djabala b. al-Ayham, p. 354.</ref> أم هل يقصد بهم المسلمين المتوسعين الذين سيطروا من عام ٦٣٦ على منطقة الشام وفلسطين وغزوا مصر منذ عام ٦٣٩ وتوغلوا شمال غرب إفريقيا في بداية الأربعينات من القرن السابع؟<ref name="ftn6">Noth, Der frühe Islam, pp. 59–60.</ref> كما أنه ليس من الواضح كذلك ما هي المنطقة التي تواصل فيها مارتن مع السراسينيين. إن سيرة مارتن طبقا لما ورد في "كتاب الباباوات" تقول بأن الإكسرخس أوليمبيوس المتعاون مع مارتن قد زحف إلى صقلية ليحارب السراسينيين هناك، والذين كانوا على وشك السيطرة على الجزيرة.<ref name="ftn7">''Liber pontificalis'', ed. Duchesne, vol. 1, cap. LXXVI (133),VII, p. 338: “Videns ergo Olympios exarchus quia manus Dei circumtegebat Martinum sanctissimum papam, necesse habuit se cum pontifice concordare et omnia quae ei iussa fuerant eidem sanctissimo viro indicare. Qui facta pace cum sancta Dei ecclesia, colligens exercitum, profectus est Siciliam adversus gentem Saracenorum qui ibidem inhabitabant. Et peccato faciente maior interitus in exercitu Romano provenit. Et post hoc isdem exarchus morbo interiit.”</ref> ويبدو أن هذا التقرير يفتقر إلى المصداقية لأنه لم حيث لم يتم توثيق أي هجوم مسلم على صقلية قبل عام ٦٥٥. وذكر ابن عبد الحكم (توفي ٢٥٧&nbsp;ه/٨٧١&nbsp;م)، وهو من المؤرخين المسلمين الأوائل لتوسع المسلمين في اتجاه الغرب، أنه في عام ٣٥&nbsp;هــ/٦٥٥&nbsp;م، أي عام وفاة مارتن، خاف سكان صقلية من هجوم مسلم قادم، لكنه لم يذكر أي تواجد الملسمين في الجزيرة قبل هذا التأريخ.<ref name="ftn8">Ibn ʿAbd al-Ḥakam, ''Futūḥ Miṣr wa-aḫbāruhā'', ed. Charles Torrey, Cairo: Madbūlī, 1999 (repr. of New Haven 1922), p. 191; König, ''Arabic-Islamic Views'', p. 40, FN 94.</ref> ويرى روتر أنه من غير المنطقي أن يساعد مارتن أعداء حليفه أوليمبيوس، ولذلك يستنتج روتر أن الموضوع عبارة عن سوء فهم أو أنه تهمة ملفقة: "بناء على ذلك فمن المحتمل وجود لبس في الرأي العام قبل بداية المحاكمة في القسطنطينية – ولو كان سوى لبس مصطنع! – أي قد افترض دعم البابا للخصوم بالمال وهؤلاء طبقا للوضع القائم ساعتها على الحدود القريبة ليسوا سوى السراسينيون. وحتى بدء المحاكمة القضائية تكون الوقائع بالطبع قد تم التحقق منها وتم توضيح التناقضات الواضحة."<ref name="ftn9">Rotter, ''Abendland und Sarazenen'', p. 186.</ref>
[٣§] ليس من الواضح من هم المعنيون بالسراسينيين. هل هم مسيحيون عرب تحت الحكم البيزنطي تمكنوا من البقاء بعد التوسع العربي الإسلامي؟<ref name="ftn5">Kawar, Djabala b. al-Ayham, p. 354.</ref> أم هل يقصد بهم المسلمين المتوسعين الذين سيطروا من عام ٦٣٦ على منطقة الشام وفلسطين وغزوا مصر منذ عام ٦٣٩ وتوغلوا شمال غرب إفريقيا في بداية الأربعينات من القرن السابع؟<ref name="ftn6">Noth, Der frühe Islam, pp. 59–60.</ref> كما أنه ليس من الواضح كذلك ما هي المنطقة التي تواصل فيها مارتن مع السراسينيين. إن سيرة مارتن طبقا لما ورد في "كتاب الباباوات" (Liber pontificalis) تقول بأن الإكسرخس أوليمبيوس المتعاون مع مارتن قد زحف إلى صقلية ليحارب السراسينيين هناك، والذين كانوا على وشك السيطرة على الجزيرة.<ref name="ftn7">''Liber pontificalis'', ed. Duchesne, vol. 1, cap. LXXVI (133),VII, p. 338: “Videns ergo Olympios exarchus quia manus Dei circumtegebat Martinum sanctissimum papam, necesse habuit se cum pontifice concordare et omnia quae ei iussa fuerant eidem sanctissimo viro indicare. Qui facta pace cum sancta Dei ecclesia, colligens exercitum, profectus est Siciliam adversus gentem Saracenorum qui ibidem inhabitabant. Et peccato faciente maior interitus in exercitu Romano provenit. Et post hoc isdem exarchus morbo interiit.”</ref> ويبدو أن هذا التقرير يفتقر إلى المصداقية لأنه لم حيث لم يتم توثيق أي هجوم مسلم على صقلية قبل عام ٦٥٥. وذكر ابن عبد الحكم (توفي ٢٥٧&nbsp;ه/٨٧١&nbsp;م)، وهو من المؤرخين المسلمين الأوائل لتوسع المسلمين في اتجاه الغرب، أنه في عام ٣٥&nbsp;هــ/٦٥٥&nbsp;م، أي عام وفاة مارتن، خاف سكان صقلية من هجوم مسلم قادم، لكنه لم يذكر أي تواجد الملسمين في الجزيرة قبل هذا التأريخ.<ref name="ftn8">Ibn ʿAbd al-Ḥakam, ''Futūḥ Miṣr wa-aḫbāruhā'', ed. Charles Torrey, Cairo: Madbūlī, 1999 (repr. of New Haven 1922), p. 191; König, ''Arabic-Islamic Views'', p. 40, FN 94.</ref> ويرى روتر أنه من غير المنطقي أن يساعد مارتن أعداء حليفه أوليمبيوس، ولذلك يستنتج روتر أن الموضوع عبارة عن سوء فهم أو أنه تهمة ملفقة: "بناء على ذلك فمن المحتمل وجود لبس في الرأي العام قبل بداية المحاكمة في القسطنطينية – ولو كان سوى لبس مصطنع! – أي قد افترض دعم البابا للخصوم بالمال وهؤلاء طبقا للوضع القائم ساعتها على الحدود القريبة ليسوا سوى السراسينيون. وحتى بدء المحاكمة القضائية تكون الوقائع بالطبع قد تم التحقق منها وتم توضيح التناقضات الواضحة."<ref name="ftn9">Rotter, ''Abendland und Sarazenen'', p. 186.</ref>


[٤§] بيد أن البحث العلمي يعطينا تفسيرات أخرى للرسالة التي تحيلنا إلى المنطقة الفلسطينية الشامية أو إلى شمال إفريقيا: فمن ناحية يشرح تهمة التعاون من الوضع الجماعي النفسي المتوتر للإمبراطورية الرومانية الشرقية أو البيزنطية. ويشير فولفرام برانديس (Wolfram Brandes) مثلا إلى الصدمة التي أعقبت التوسع الإسلامي وأثارت لدى البعض شعورا بنهاية التاريخ بينما استدعت لدى آخرين الاعتقاد بأن الله يعاقب الإمبراطورية من جملة أمور على الخطايا الكامنة في الضلال العقائدي. بموجب هذا التفسير تصبح القضايا ضد مارتن الأول وصاحبه في الكفاحة ضد المونوثيليتية مكسيموس هومولوجيتيس (مكسيموس المعترف) شكلا من أشكال "التغلب على الأزمة بوسيلة القانون"، أي إلى نوع من رد الفعل النفسي الزائد على عصر الاضطراب الهائل.<ref name="ftn10">Brandes, Krisenbewältigung, pp. 148–151, 153–154, 159–177.</ref> تتقدم نيكولا كلارك (Nicola Clarke) خطوة إلى الأمام فترى أن الاتهامات بالتعاون في فترة تلك التوسعات ومنها الاتهام الموجه لمارتن الأول بمثابة محاولة في ذلك العصر لعدم إرجاع سبب الهزائم في مواجهة المسلمين المتوسعين إلى قوة المسلمين الحقيقية بل إلى فشل مسئولين بعينهم، وذلك من أجل تقوية الوعي الذاتي بهذه الطريقة والحفاظ على الأمل بأن المسلمين ليسوا غير قابلين للهزيمة.<ref name="ftn11">Clarke, ''The Muslim Conquest'', p. 107.</ref> أما روبرت هويلاند (Robert Hoyland) فإنه يفترض من ناحية احتمال كون الاتهام ملفقا بهدف إقصاء شخص معارض. بيد أن هويلاند يرى احتمالية محاولة مارتن الأول بالفعل التواصل مع المسلمين المتوسعين كما حاول ذلك آخرون من معاصريه للوصول إلى تسوية مع نخبة الحكم الجدد. ولذلك فإن الاتهامات التي وجهت إلى مارتن يجب أخذها على محمل الجد حسب وجهة نظره.<ref name="ftn12">Hoyland, ''Seeing Islam'', pp. 75–76.</ref> ويحيل هويلاند في هذا السياق إلى العديد من الرسائل المكتوبة باليونانية اعتبرها باحثون آخرون دون مبرر بأنه رسائل لم يكتبها مارتين.<ref name="ftn13">Conte, Martin I:, col. 341; Winkelmann (ed.), ''Prosopographie'', p. 185.</ref> وهذه الرسائل التي نشرها جاك بول مين (Jacques Paul Migne) في مجموعته لكتابات المؤلفين الكنسيين اللاتينية من القرون الوسطى (Patrologia latina) هي موجهة في معظمها إلى أناس كانوا يعيشون تحت حكم إسلامي. منها مثلا رسالة بأخبار القرارات الصادرة عن المجمع الكنسي في لاتران برومة عام ٦٤٩ موجهة إلى كنيسة قرطاج التي هاجمتها قوات المسلمون لأول مرة بين عامي ٦٤٧ و٦٤٨.<ref name="ftn14">Martinus I., ep. 4 ad ecclesiam Carthaginensem, ed. Migne (PL 87), cols 145–154; Kaegi, ''Muslim Expansion'', pp. 116–144.</ref> وفي رسالة أخرى إلى يوحنا، أسقف فلادلفيا (عمان)، لم يرسل مارتن ملفات المجمع الكنسي في لاتران فقط، بل عين يوحنا نائبا كنسيا له ومنحه حق تعيين الأساقفة والكهنة – ويبدو أنه إجراء مناقض تماما لانتخابات الأساقفة الذي يجريه "الهراطقة" في المنطقة.<ref name="ftn15">Martinus I., ep. 5 ad Ioannem episcopum Philadelphiae, ed. Migne (PL 87), cols. 153–164.</ref> وهناك رسالة أخرى إلى الأسقف ثيودوروس بمنطقة حسبان بالشام التي تتضمن الأمر لمقاومة الهراطقة وكذلك لطاعة أوامر يوحنا المذكور فيما سبق.<ref name="ftn16">Martinus I., ep. 6 ad Theodorum episcopum Esbuntiorum, ed. Migne (PL 87), cols. 164–165.</ref> وقد طلب نفس الشيء من شخص يسمى جيورجيوس، رئيس دير القديس ثيودوسيوس.<ref name="ftn17">Martinus I., ep. 8 ad Georgium archimandritam monasterii sancti Theodosii, ed. Migne (PL 87), cols 167–168.</ref> وكذلك تم إعلام كنائس أنطاقية والقدس بقرارات المجمع الكنسي في لاتران وانتقد بترسيم الأساقفة ماسيدونيوس أسقف إنطاكية وبطرس أسقف الإسكندرية، وطالب أيضا إبداء الطاعة ليوحنا، نائب البابا بعمان.<ref name="ftn18">Martinus I., ep. 11 ad ecclesiam Jerosolymitanam et Antiochenam, ed. Migne (PL 87), cols 175–180.</ref> تشير هذه الرسائل إشارة قوية إلى محاولة مارتن في إطار حملة مناهضته للمنوثيليتية في المنطقة الشامية الفلسطينية الخاضعة في ذلك الوقت لحكم المسلمين إنشاء بنية كنسية بديلة. فهذا يجعلنا نفهم لماذا اتهمه القسطنطينية بالتعاون مع المسلمين. الباحث والتر كيجيه (Walter Kaegi) لا يستبعد هذا التفسير أيضا. يشير كيجيه إلى نظرية فريد دونر (Fred Donner) بأن المسلمين الأوائل لم يظهروا بكونهم جماعة دينية مختلفة اختلافا واضحا بل أكثر من كونهم ممثلين لحركة توحيد إصلاحية.<ref name="ftn19">Donner, The Islamic Conquests, pp. 28–51; Donner, ''Muhammad and the Believers''.</ref> ويعتبر كيجيه في هذا السياق محاولات اتصال السلطات الكنسية بنخبة المسلمين أمرا مفهوما حتى في حالة مارتن. وطبقا لرأيه يمكننا الاعتقاد بأن رسالة مارتن بمثابة: "محاولة بابوية للتواصل مع المسلمين في فترة كانت تعتبر فيها المبادئ الدينية الأولى والممارسات الإسلامية مرنة وبذلك قابلة لإعادة الصياغة".<ref name="ftn20">Kaegi, Seventh-Century Identities, pp. 168–169.</ref>
[٤§] بيد أن البحث العلمي يعطينا تفسيرات أخرى للرسالة التي تحيلنا إلى المنطقة الفلسطينية الشامية أو إلى شمال إفريقيا: فمن ناحية يشرح تهمة التعاون من الوضع الجماعي النفسي المتوتر للإمبراطورية الرومانية الشرقية أو البيزنطية. ويشير فولفرام برانديس (Wolfram Brandes) مثلا إلى الصدمة التي أعقبت التوسع الإسلامي وأثارت لدى البعض شعورا بنهاية التاريخ بينما استدعت لدى آخرين الاعتقاد بأن الله يعاقب الإمبراطورية من جملة أمور على الخطايا الكامنة في الضلال العقائدي. بموجب هذا التفسير تصبح القضايا ضد مارتن الأول وصاحبه في الكفاحة ضد المونوثيليتية مكسيموس هومولوجيتيس (مكسيموس المعترف) شكلا من أشكال "التغلب على الأزمة بوسيلة القانون"، أي إلى نوع من رد الفعل النفسي الزائد على عصر الاضطراب الهائل.<ref name="ftn10">Brandes, Krisenbewältigung, pp. 148–151, 153–154, 159–177.</ref> تتقدم نيكولا كلارك (Nicola Clarke) خطوة إلى الأمام فترى أن الاتهامات بالتعاون في فترة تلك التوسعات ومنها الاتهام الموجه لمارتن الأول بمثابة محاولة في ذلك العصر لعدم إرجاع سبب الهزائم في مواجهة المسلمين المتوسعين إلى قوة المسلمين الحقيقية بل إلى فشل مسئولين بعينهم، وذلك من أجل تقوية الوعي الذاتي بهذه الطريقة والحفاظ على الأمل بأن المسلمين ليسوا غير قابلين للهزيمة.<ref name="ftn11">Clarke, ''The Muslim Conquest'', p. 107.</ref> أما روبرت هويلاند (Robert Hoyland) فإنه يفترض من ناحية احتمال كون الاتهام ملفقا بهدف إقصاء شخص معارض. بيد أن هويلاند يرى احتمالية محاولة مارتن الأول بالفعل التواصل مع المسلمين المتوسعين كما حاول ذلك آخرون من معاصريه للوصول إلى تسوية مع نخبة الحكم الجدد. ولذلك فإن الاتهامات التي وجهت إلى مارتن يجب أخذها على محمل الجد حسب وجهة نظره.<ref name="ftn12">Hoyland, ''Seeing Islam'', pp. 75–76.</ref> ويحيل هويلاند في هذا السياق إلى العديد من الرسائل المكتوبة باليونانية اعتبرها باحثون آخرون دون مبرر بأنه رسائل لم يكتبها مارتين.<ref name="ftn13">Conte, Martin I:, col. 341; Winkelmann (ed.), ''Prosopographie'', p. 185.</ref> وهذه الرسائل التي نشرها جاك بول مين (Jacques Paul Migne) في مجموعته لكتابات المؤلفين الكنسيين اللاتينية من القرون الوسطى (Patrologia latina) هي موجهة في معظمها إلى أناس كانوا يعيشون تحت حكم إسلامي. منها مثلا رسالة بأخبار القرارات الصادرة عن المجمع الكنسي في لاتران برومة عام ٦٤٩ موجهة إلى كنيسة قرطاج التي هاجمتها قوات المسلمون لأول مرة بين عامي ٦٤٧ و٦٤٨.<ref name="ftn14">Martinus I., ep. 4 ad ecclesiam Carthaginensem, ed. Migne (PL 87), cols 145–154; Kaegi, ''Muslim Expansion'', pp. 116–144.</ref> وفي رسالة أخرى إلى يوحنا، أسقف فلادلفيا (عمان)، لم يرسل مارتن ملفات المجمع الكنسي في لاتران فقط، بل عين يوحنا نائبا كنسيا له ومنحه حق تعيين الأساقفة والكهنة – ويبدو أنه إجراء مناقض تماما لانتخابات الأساقفة الذي يجريه "الهراطقة" في المنطقة.<ref name="ftn15">Martinus I., ep. 5 ad Ioannem episcopum Philadelphiae, ed. Migne (PL 87), cols. 153–164.</ref> وهناك رسالة أخرى إلى الأسقف ثيودوروس بمنطقة حسبان بالشام التي تتضمن الأمر لمقاومة الهراطقة وكذلك لطاعة أوامر يوحنا المذكور فيما سبق.<ref name="ftn16">Martinus I., ep. 6 ad Theodorum episcopum Esbuntiorum, ed. Migne (PL 87), cols. 164–165.</ref> وقد طلب نفس الشيء من شخص يسمى جيورجيوس، رئيس دير القديس ثيودوسيوس.<ref name="ftn17">Martinus I., ep. 8 ad Georgium archimandritam monasterii sancti Theodosii, ed. Migne (PL 87), cols 167–168.</ref> وكذلك تم إعلام كنائس أنطاقية والقدس بقرارات المجمع الكنسي في لاتران وانتقد بترسيم الأساقفة ماسيدونيوس أسقف إنطاكية وبطرس أسقف الإسكندرية، وطالب أيضا إبداء الطاعة ليوحنا، نائب البابا بعمان.<ref name="ftn18">Martinus I., ep. 11 ad ecclesiam Jerosolymitanam et Antiochenam, ed. Migne (PL 87), cols 175–180.</ref> تشير هذه الرسائل إشارة قوية إلى محاولة مارتن في إطار حملة مناهضته للمنوثيليتية في المنطقة الشامية الفلسطينية الخاضعة في ذلك الوقت لحكم المسلمين إنشاء بنية كنسية بديلة. فهذا يجعلنا نفهم لماذا اتهمه القسطنطينية بالتعاون مع المسلمين. الباحث والتر كيجيه (Walter Kaegi) لا يستبعد هذا التفسير أيضا. يشير كيجيه إلى نظرية فريد دونر (Fred Donner) بأن المسلمين الأوائل لم يظهروا بكونهم جماعة دينية مختلفة اختلافا واضحا بل أكثر من كونهم ممثلين لحركة توحيد إصلاحية.<ref name="ftn19">Donner, The Islamic Conquests, pp. 28–51; Donner, ''Muhammad and the Believers''.</ref> ويعتبر كيجيه في هذا السياق محاولات اتصال السلطات الكنسية بنخبة المسلمين أمرا مفهوما حتى في حالة مارتن. وطبقا لرأيه يمكننا الاعتقاد بأن رسالة مارتن بمثابة: "محاولة بابوية للتواصل مع المسلمين في فترة كانت تعتبر فيها المبادئ الدينية الأولى والممارسات الإسلامية مرنة وبذلك قابلة لإعادة الصياغة".<ref name="ftn20">Kaegi, Seventh-Century Identities, pp. 168–169.</ref>
الكوكيز تساعدنا على تقديم خدماتنا. باستخدام خدماتنا، فأنت توافق على استخدام الكوكيز.

قائمة التصفح